خلال الفترة الأخيرة ظهرت حالات خلع، ولم تكن بالسابق لها تواجد مثل تلك الأيام، ويعتبر الخلع واحد من المقالات الوظيفة والحيوية التي تعالج الفرقة بين الزوجين بكيفية، مضمونها جاري على إرضاء الطرفين في نطاق أروقة محاكم الظروف الشخصية. إن من عدل الشريعة وجمالها ترتيب الصلات وبشكل خاص في الجهة الرابطة الزوجية حتى انفصالها، حيث أعطيت القرينة، في بدل حق القرين في فسخ العلاقة الزوجية، الحق في مناشدة الخلع لدى كراهيتها لزوجها وعدم موافقتها العيش برفقته، بدون أن تجد فيه سبباً من العوامل التي تدعوها إلى الفسخ. ولحصولها على الخلع لا بد لها من جلَد تبعات طلبها؛ بأن تدفع له العوض لما تحمَّله من مصاريف الزواج.
ومن الجهة التشريعية يعد الخلع في طبيعته الشرعية عقداً ثنائي الطرف؛ لأنه يتوقف على اتفاق بين القرين وقرينته بأن تدفع له مبلغاً من الثروة مقابلة إنفصالها بالطلاق، ويحدث ذاك بإيجاب وقبول، ويشترط فيه ما يشترط في إستحداث فسخ العلاقة الزوجية فيما يتعلق إلى القرين. وفقهاء الشريعة والقانون عالجوا ذاك الشأن على نحو ناضج وشفاف، إلا أن يفتقر إلى كميات وفيرة من التبسيط والتقريب للناس، وطرحه اجتماعياً عبر الفضائيات والمواقع والصحف بأسلوب تخدم حياة الأسر وليس الضد. إلا أن من الضار من يستعمل مقال الخلع للانتقام وتصفية الحسابات، ولو كانت ظاهرة محصورة فهناك زوجات تقمن إحتفالية ينشرَّ بها أنهن خلعن أزواجهن الماضيين بكيفية فيها الشيء العديد من الامتهان، وتعمق للخلافات على على الرغم من الانفصال، في حين من الأَوْلى ألا ينسوا كل جميل كان بينهم، والقاعدة القرآنية السلوكية التي ترسم مجرى الروابط الآدمية وبشكل خاص الزوجية تقول: (ولا تنسوا الخصوصية بينكم) [سورة البقرة: 237] هو في الواقع تشفٍّ أكثر من كونه إحتفالية طبيعية لحياة قريبة العهد تنتظرها ونتفاءل بها خيراً. وفي هذا تجنٍّ على القرين الفائت، فله حق المطالبة قضائياً، في بنظير التشهير به وسبِّه لرد الاعتبار له.
ملخص القول أن الخلع يحتسب من بين الإجابات القانونية التي تحل الخلافات الزوجية، وهو حق للمرأة مساوٍ لحق الرجل بالطلاق، وهو نص عارم ومهم، وتلك دلالة متعجلة لأهميته وايضا تحذيراً من توظيفه بأسلوب يكون فيها توسيع لدائرة البغض والكره بين الخصمين، وتجعل الخلافات مطردة حتى عقب الانفصال، وفي ذاك تجذير لروح الانتقام والتشفي، وليس هنالك أنبلَ وأجود وأجملَ من التسامح وتمني الخير لبعضهما، وايضا ليساعدا أنفسهما على تخطى السابق وعدم عدم تذكر الجميل.
Originally posted 2021-11-24 01:38:35.