امتياز المؤجر طبقاً للتشريع المدني السوري والحقوق النقدية التبعية.
تنص المادة 1122 ق.م على ما يلي :
« 1 ـ أجرة المباني و الأراضي الزراعية لسنتين ، أو لحجم الإيجار إن قلت عن ذلك ، و كل حق أحدث للمؤجر بمقتضى إتفاق مكتوب الإيجار ، يكون لها معاً امتياز على ما يكون موجوداً في العين المؤجرة ، و مملوكاً للمسـتأجر مـن منقول إجتمع للحجز و مـن محصـول زراعي .
2 ـو يثبت الامتياز و لو كانت البضاعة مملوكة لزوجة المستأجر ، أو كانت مملوكة للغير و لم يثبت أن المؤجر كان يعرف وقت وضعها فـي العين المؤجرة بوجود حـق للغير عليها ، و ذلك دون إخلال بالأحكام المتعلقة بالمنقولات المسروقة أو الضائعة .
3 ـو ينشأ الامتياز ايضاً على البضاعة و المحصولات المملوكة للمستأجر الثانوي إذا كان المؤجر قد اشترط صراحة عدم الإيجار الثانوي ، فإذا لم يشترط ذلك فلا يثبت الامتياز إلا للمبالغ التي تكون مستحقة للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر الثانوي في الوقت الذي ينذره فيه المؤجر .
4 ـو تستوفى هذه المبالغ الممتازة من تكلفة الثروات المثقلة بالامتياز بعد الحقوق المتقدمة الذكر ، إلا ما كان من هذه الحقوق غير خصب في حق المؤجر بمثابته حائزاً حسن النية .
5 ـو إذا نقلت الأموال المثقلة بالامتياز من العين المؤجرة على الرغم من قوى قوى معارضة المؤجر أو على غير وعي منه ، و لم يبقَ في العين أموال كافية لضمان الحقوق الممتازة ، بقي الامتياز قائماً على الممتلكات التي نقلت دون أن يتسبب في ضررا ذلك بالحق الذي كسبه الغير حسن النية على هذه الثروات .
و يبقى الامتياز قائماً – و لو أضر بحق الغير – لبرهة ثلاث سنين من يوم نقلها إذا أوقع المؤجر عليها حجزاً استحقاقياً في الميعاد التشريعي .
و مع ذلك إذا بيعت هذه الأموال إلى مشـترٍ حسن النية في سوق عام ، أو فـي مـزاد علني , أو ممن يتجر فـي مثلها ، وجب على المؤجر أن يرد القيمة إلى هـذا المشـتري ».
مبنى امتياز المؤجر:
يبنى امتياز مؤجر المباني على وجهة نظر الرهن الضمني , حيث يفترض أن المؤجر و المستأجر قد اتفقا ضمناً على أن تكون بضاعة المستأجر الموجودة في العين المؤجرة ضامنة لحقوق المؤجر .
وهذا الرهن يستند إلى حيازة حكمية ، فالمؤجر يعد حائزاً للمنقولات التي تضمن الوفاء بحقوقه .
و هذه الحيازة الحكمية تتيح للمؤجر السيطرة على البضاعة التي ينصب فوق منها الامتياز ، و تضمن له حماية حقه .
ـ ملاحظة : وصفنا حيازة المؤجر بأنها حيازة حكمية ، لما تنطوي عليه من توسع في وجهة نظر الحيازة :
فمن ناحية يعتبر المؤجر حائزاً للمنقولات الموجودة في العين ، مع بقاء هذه البضاعة أدنى سيطرة المستأجر الفعلية .
ومن ناحية أخرى يثبت الامتياز حتى لمن لا تكون له الحيازة التشريعية للعين المتواجدة فيها المنقولات ، و هذه هي وضعية المستأجر الأصلي الذي يكون له امتياز المؤجر على شحنة المستأجر من الباطن ( المستأجر الثانوي ) …
فكأن القانون لا يستلزم لنشوء الامتياز الحيازة التي يتطلبها في الرهن الحيازي ، لا في المنقولات الموجودة في العين ، و لا في العين نفسها .
وفي الأراضي الزراعية يبنى امتياز المؤجر على ما فيها من محصــولات ، على فكرة العدالة ، ذلك أن اختصاص المستأجر بثمار الأرض كان نتيجة مباشرة لتمكينه من الانتفاع بالأرض ، و على ذاك يعد المؤجر ، و هو المتسبب بهذا الانتفاع ، أولى الدائنين بالمراعاة في استيفاء حقوقه .
إذاً : يبنى امتياز المؤجر :
أ ـ في المباني على رأي الرهن الضمني .
ب ـ في الأراضي الزراعية على فكرة العدالة .
الغاية من تقرير امتياز المؤجر :
يرجع الغرض من تقرير هذا الامتياز إلى رغبة المشرع في تيسير التعامل بين المؤجر و المستأجر ، لما لعقد الإيجار من شأن عارم في حياتنا الاقتصادية و الاجتماعية .
فالامتياز يبعث الثقة في نفس المؤجر ، و لهذا فهو لا يشترط تعجيل الأجرة .
و هو من وجه آخر يسمح للمستأجر الحصول على ملجأ يأويه و يجنبه الوقوع في الحرج إذا ما اضطر لإبرام إتفاق مكتوب الإيجار دون أن تتوافر عنده الأجرة المطلوبة .
سبب تقرير امتياز المؤجر :
الحجة في تقرير هذا الامتياز في أغلب التشريعات ـ و منذ عهد عتيق ـ يرجع إلى أن المؤجر هو عادة من طبقة ملاك العقارات ، تلك الطبقة التي عمدت إلى جعل المشرع يتخذ أمر تنظيمي الامتياز لحمايتها ، مستغلة في هذا نفوذها القوي ، الذي إستمرت تتوارث الكثير منه عبر الأجيال .
و يلاحظ أن التوسع في امتياز المؤجر أصبح معرضاً للنقد .
و لقد اقتصر تقنين الالتزامات السويسري على إعطاء المؤجر حق إعتقل , لا حق امتياز ، و قصر الحق على أجرة سنة انقضت ، و أجرة الستة أشهر الجارية .
و هنالك رأي يذهب إلى أعظم وأضخم من هذا ، و يقول بإلغاء امتياز المؤجر مرة واحدة .
المستفيد من امتياز المؤجر :
مؤجر المباني و الأراضي الزراعية يستمتع بالامتياز ، و لا اعتبار لصفته ، كما أنه لا اعتبار لنوع المبنى ، أو الأرض الزراعية …
فالامتياز تدبير للمؤجر ، سواء أكان مالكاً للعقار ، أم متصرفاً فيه ، أم منتفعاً ، أم صاحب حق سطحية ، أم مستأجراً أصلياً ( أي كلما يؤجره لمستأجر ثانوي ) .
و الامتياز أجر شهري لمؤجر المبنى ، سواء أكان المبنى منزلاً ، أم كان دكاناً ، أم مكتباً ، أم متجراً ، أم مصنعاً ، أم مخزناً . و سواء أكان المنزل مفروشاً أم غير مفروش .
و يكون امتياز المؤجر في حالة إيجار الشقق المفروشة منصباً على ما يعادل أجرة البيت خالية من المفروشات .
و إذا كانت العين المؤجرة أرضاً فضاء أجرت لإقامة الأعياد أو الملاهي ، فلا يثبت لمؤجرها
حق الامتياز على الحمولة التي يضعها المستأجر فيها ، و ذلك لأن الامتياز يقتصر بصريح الموضوع على أجرة المباني و الأراضي الزراعية ( م 1122 / 1ق.م ) .
وفي القانون المدني الفرنسي يمنح الامتياز لمؤجر الأرض الفضاء ، إستحداث على أن المادة 2102 منه تمنح الامتياز لمؤجر العقار على نحو قاطعً .
أما مؤجر المنقول ، فلا يستمتع بذلك الامتياز ، فمثلاً لو أجر شخص لآخر مركب ، فلا يكون له امتياز على أمتعة المستأجر التي يضعها في الفلك .
و يشترط أن يكون بين الدائن و المدين عقد إجارة ( إيجار ) على مبنى أو أرض زراعية ، سواء أكان العقد عادياً أم على نحو رسميً ، خطياً أم شفهياً .
و بالتالي فيخرج عن دائرة ذاك الامتياز إشغال الأرض بناء على امتياز تمنحه الجمهورية للتنجيم عن المعادن و استغلالها ، ما لم يكن مقروناً بإجارة الأرض ( أو بعقد إيجار ) .
و يخرج أيضاًً غصب الأرض ، الذي ينحصر حق المالك فيه بالمطالبة بأجر المثل .
المبالغ ( الديون ) المضمونة بامتياز المؤجر
نصت الفقرة الأولى من المادة 1122 على ضمان الامتياز لأجرة المباني و الأراضي الزراعية لسنتين , أو لمقدار الإيجار إن قلت عن ذاك ، و كل حق أجدد للمؤجر بمقتضى إتفاق مكتوب الإيجار .
و من هذا يتبين أن الامتياز لا يقتصر على ضمان الأجرة ، بل يصون كل حق آخر للمؤجر ناشئ عن عقد الإيجار ، و ذاك بحسب التفصيل الآتي :
أ- الأجـرة :
لا يحتوي على امتياز المؤجر جميع الأجرة مهما بلغت المدة ، و إنما يصون أجرة سنتين فقط إن زادت مدة العقد عن سنتين ، و جميع الأجر إن قلت المرحلة عن ذلك .
و يلاحظ أن الحكم آنف الذكر الوارد في المادة 1122 يحتسب مقيداً لافتتاح المادة 556 ق.م التي تخول المؤجر حق وقف على قدميه باحتجاز جميع المنقولات القابلة للحجز ، ضماناً لكل حق يثبت له بمقتضى تم عقده الإيجار .
و قد تأيد ذلك بقرار لمحكمة النقض عام 1960 .
و بالنظر لسكوت المشرع عن تحديد أي السنتين تكون أجرتها مؤكدة بالامتياز ، يمكن القول أن الامتياز يضمن أجور أي سنتين من فترة الإيجار ، و لو كانتا غير متصلتين بإجراء التوزيع ، والأصل أن الامتياز يضمن الأجرة الموقف .
و يثور هنا السؤال الآتي : أتصبح الأجرة التي تستحق عن مدة لاحقة مستحقة الأداء حالاً إذا أشهر إعسار المستأجر أو إفلاسه ؟
اختلفت الأعين الفقهية في ذلك :
# فبعض الشراح يرى أن التزام المستأجر التزام أجلي ، و بذاك يترتب على إفلاسه تخويل المؤجر حق المطالبة في أن يسمح في تفليسة المستأجر ، ليس بالأجرة التي حلت فقط ، لكن ايضاً بالأجرة المستقبلية ، حتى عاقبة الفترة المقررة للعقد ، مهما يكن طول المدة .
# و القلة الآخر يرى أن التزام المستأجر ذو نشوء مستمر ، يولد شيئاً فشيئاً ، بحجم ما تحقق محله و سـببه ، و بالتالي لا يسمح المؤجر في ظل هذا الإفتراض في تفليسة المستأجر ، إلا بالأجرة التي حلت فقط .
ويلاحظ أن القانون المدني السوري قد أخذ بالرأي الثاني في ظرف الإعسار ، كلما أصدر قرارا أنه لا يترتب على إعسار المستأجر أن تحل أجرة لم تستحق ( م 570 / 1 ق.م ) .
و على ذلك ، فلا يجوز للمؤجر أن يستفيد من الامتياز لضمان الوفاء بالأجرة التي تستحق عن فترة مستقبلة في ظرف الإعسار .
إلا أنه يجوز للمؤجر المطالبة بفسخ عقد الإيجار إذا لم تمنح له في توقيت موائم تأمينات تكفل الوفاء بالأجرة التي لم تحل . ( م 570 / 2 ق.م ) .
إذاً : دين المستأجر ليس ديناً أجلياً .
ب – الحقوق الأخرى التي تثبت للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار :
لا يقتصر امتياز المؤجر على ضمان الأجرة ليس سوى ، بل يضمن أيضاً كل حق أجدد للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار ، و ذلك على ضد ما كان أعلاه امتياز المؤجر في حضور قانون التصرف ، حيث كان يقتصر على ضمان الأجرة في وجود ذلك التشريع .
فالامتياز يضمن التعويضات التي تترتب في ذمة المستأجر ، لإخلاله بأي التزام ناشئ عن إتفاق مكتوب الإيجار :
كالتعويض الذي يترتب في ذمة المستأجر لإتلافه المأجور ، أو لإحداث تغيير بالمأجورضار به بدون إذن المؤجر .
و كالتعويض الذي يجب به المستأجر عن الضرر الناجم عن الحريق الذي يصيب العين المؤجرة .
و يكفل الامتياز أيضاً المصروفات التي ينفقها المؤجر لإلزام المستأجر بالوفاء بالتزاماته ، كمصروفات الدعوى التي يطلب بها الأجرة .
أما الديون التي لم تنشـأ من عقد الإيجار ، كالقروض التي يمنحها المؤجر فلا يضمنها الامتياز .
و إلا أن ، إذا كان الغرض من القرض تنفيذ شرط من شروط عقد الإيجار ، فالامتياز يضمنه ، كما لو أعطى المؤجر للمستأجر مبلغاً من الثروة ليشتري به آلات زراعية أو مواشٍ , أو غير هذا الموضوع الذي يساند على إنتفاع الأرض … و كما لو أعطاه مبلغاً لتحسين المأجور أو فعل تبديل فيه ، الشأن الذي التزم به المستأجر في عقد الإيجار .
و كذلكًً لا يكفل الامتياز ما يترتب للمؤجر مقابل إشغال المأجور حتى هذه اللحظة انقضاء مدة العقد إذا لم يجدد تجديداً ضمنياً .
وكذلكًً لا يضمن الامتياز ما يترتب للمؤجر بمقابل انتفاع المسـتأجر بالمأجور إذا حكم بإبطال العقد .
لأن التزام المستأجر بهذه المبالغ أصله الإثراء بلا علة ، لا تم عقده الإيجار .
وعاء ذلك الامتياز
ينشأ امتياز المؤجر على نوعين من البضاعة :
1 ـ الإرسالية الموجودة في العين المؤجرة ، سواء أكانت بناء أم أرضاً زراعية .
2 ـ المحصول الناتج من العين إذا كانت أرضاً زراعية .
أما في حين عدا ذلك من إرسالية المستأجر ، فلا يكون للمؤجر أعلاها إلا حقوق الدائن البسيط .
أولاً ـ الحمولة الموجودة في العين المؤجرة :
المنشأ أن امتياز مؤجر المباني و الأراضي الزراعية يأتي ذلك على جميع الحمولة التي يضعها المستأجر في المبنى أو الأرض الزراعية . .
ويقوم هذا الامتياز كما أسلفنا على منظور الرهن الضمني ، و بذلك يتعين التضييق من حاوية الامتياز ، و جعله مقصوراً على الشحنة المالية التي تجهز بها العين المؤجرة بنية الانتفاع من استئجارها .
و يمكن الاستئناس بالنص الفرنسي لتقديم المساعدة هذا النظر ، و هو يفيد وورد الامتياز على البضاعة التي تجهز بها العين المؤجرة .
و على ذاك يدخل في وعاء الامتياز كل ما يوجد في المأجور من أثاث و مفروشات و تماثيل و صور و أوانٍ و كتب و غلال و مؤن …
و هو يتضمن على أيضاًً : السيارات و السيارات و الجياد و غيرها الموضوع الذي يودع في ملحقات المبنى ، كالمرآب أو الإسطبل .
كما يحتوي على البضائع الموجودة في المخازن .
و ينشأ الامتياز بخصوص للأراضي الزراعية على ما فيها من مواشٍٍ و آلات و أسمدة و محاصيل و غيرها .
و إذا كانت القاعدة أن الامتياز يثقل مختلَف المنقولات المملوكة للمستأجر و المتواجدة في العين المؤجرة ، إلا أنه يغادر عن هذه القاعدة الاستثناءات التالية :
1 ـ النقود :
لا يأتي ذلك الامتياز على النقود ، سواء أكانت معدنية أم أوراقاً مصرفية ، هذا لأن النقود معدة للتداول ، الأمر الذي يستبعد بصحبته اتجاه غاية العاقدين إلى شمولها بالرهن الضمني .
على أن النقود تدخل في وعاء الامتياز إذا كانت متحصلة من بيع الشحنة التي يشملها الامتياز ، ذاك لأنها تعد في هذه الظرف حالّة حانوت المنقولات نفسها .
2 ـ الشحنة المعنوية :
كحقوق الملكية الأدبية و الفنية و الديون ، و لا اعتبار لنوع السند المثبتة فيه .
و يعلل خروج هذا النسق من المنقولات من صندوق الامتياز بأنها لا تعد من الشحنة التي تجهز
العين بها ، ذاك بالفضلا على ذلك أن سنداتها ليست سوى رمز للحقوق المعنوية .
3 ـ المجوهرات :
تعد المجوهرات في الأصل لزينة الفرد ، لا لاستعمال المأجور أو لزينته أو استغلاله ، و هكذا لا تُعد من الموضوعات التي يجهز المأجور بها ، و لذلك يميل أكثر الشراح إلى إخراجها من وعاء امتياز المؤجر .
و يلاحظ أن المجوهرات تدخل في وعاء امتياز صاحب الفندق ، و لعل وجه المفاضلة بين امتياز المؤجر و امتياز صاحب الفندق في هذا الصدد يعاود قابلية الفقه للتضييق من وعاء امتياز المؤجر ، بمثابته أثراً من نفوذ طبقة الملاك قررته لحماية مصالحها .
و قد خصت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي بالذكر المجوهرات من بين الأشياء التي تثقل بامتياز صاحب الفندق ، الموضوع الذي يستفاد منه أن واضعي القانون أرادوا أن يقروا رأياً لكثير من الشــراح يقضي بإدخال المجوهرات فـي صندوق امتياز صاحب الفندق دون امتياز المؤجر .
و في حين عدا الاستثناءات السابقة ، يسري امتياز المؤجر على كل المنقولات الأخرى , و لا شأن لما إذا كانت قد وضعت في المأجور عند إشغاله ابتداء , أو خلال مدة الإيجار . كما أنه لا شأن لما إذا كانت المنقولات ظاهرة أم خفية .
ولا شأن أيضا لما إذا كانت قد وضعت في العين المؤجرة لتبقى فيها وقت قصير أم مدة طويلة , على خلفية أنه يشترط أن تكون فترة وجودها في المأجور معقولة لا عارضة .
فالماشية التي تأتي لترعى في الحقل ثم تستأنف حظيرتها ، و المحراث الذي يأتي به المستأجر ليحرث الأرض به ، ثم يعيده إلى منزله ، لا يثقلان بالامتياز ضماناً لأجرة الأرض .
و نشير في التتمةً على أن الحمولة المثقلة بالامتياز إذا هلكت , و استحق المستأجر عن موتها تعويضاً ، انتقل امتياز المؤجر إلى ذلك والعوض ، إنفاذاً لمبدأ الحلول العيني .
ثانياً ـ محصولات الأرض الزراعية :
إذا كان المأجور أرضاً زراعية وقع امتياز المؤجر على المحصولات الزراعية الناتجة من الأرض ، فضلاً عن وقوعه على البضاعة الموجودة فيها .
و ينشأ الامتياز على المحصول ما دام موجوداً في الأرض ، سواء نتج أثناء الفترة التي يطالب المؤجر بالأجرة عنها ، أم نتج في مدة أخرى .
فإذا جرى إيجار الأرض لبرهة سنتين مثلاً ، كان للمؤجر أن يشرع في امتيازه على محصول السنة الثانية ، ليس فقط ضماناً لأجرة هذه الســنة ، إلا أن أيضاً لأجرة السنة الأولى ، إذا لم تكن قد استوفيت .
و يأتي ذلك الامتياز على محصولات الأرض ، سـواء كان إنتاجها حاصلاً بتصرف المستأجر الأصلي ، أم بتصرف المستأجر الثانوي ، أم بتصرف شريك المستأجر الثانوي .
[ و يراعى أن المؤجر لا يباشر امتيازه على محصولات المستأجر الثانوي إلا في الحدود التي سنبينها عند الكلام في المنقولات المملوكة للمستأجر الثانوي بعد قليل] .
و نشير في التتمةً إلى أن المشرع قد أدرج امتياز المؤجر في عداد حقوق الامتياز الخاصة النكبة على منقول ، بالرغم من كون المحصول الزراعي المثقل بالامتياز عقاراً لا منقولاً ، بناء على أن المحصول في هذه الحالة يحتسب منقولاً على حسب المآل .
شرائط ثبوت امتياز المؤجر على الشحنة المتواجدة في المأجور
يشترط في المنقولات التي يشملها امتياز المؤجر :
أولاً : أن تكون قابلة للحجز .
ثانياً : أن تكون مملوكة للمستأجر .
ثالثاً : بقاء الحمولة في العين المؤجرة .
أولاً -أن تكون المنقولات قابلة للحجز :
اشترطت المادة 1122 /1 أن تكون المنقولات المثقلة بالامتياز قابلة للحجز ، و على ذلك فكل الشحنة التي لا يصح حجزها لا تثقل بالامتياز .
ومما غير ممكن حجزه :
أ ـما نصت بالأعلى المادة 296 من تشريع مصادر المحاكمات من أنه غير ممكن الحجز على الفراش الأساسي للمدين و زوجته و أقاربه و أصهاره على عمود النسب , ممن يعيلهم في داره ، و لا على ما يرتدونه من الثياب .
ب ـو ما نصت بالأعلى المادة 297 من دستور أصول المحاكمات أيضاً من أنه غير ممكن الحجز على الأشياء الآتية ، إلا لاستيفاء تكلفتها أو مصاريف صيانتها أو لنفقة مقررة :
1 ـالكتب اللازمة لمهنة المدين , و عتاد الصناعة التي يستعملها بنفسه في عمله .
2 ـ العتاد الحربي الملوك له إذا كان من العسكريين مع مراعاة رتبته .
3ـ الحبوب و الدقيق و الوقود , وأنواع الدخل الضرورية لإعاشـة المحجوز بالأعلى و عائلته , لوقت شهر .
4 ـجاموسة أو بقرة أو ثلاث من الماعز أو النعاج , المسألة الذي ينتفع به المدين ، و ما يلزمه لغذائها لبرهة شهر ، و الخيار للمدين .
ثانياً – أن تكون البضاعة مملوكة للمستأجر :
الامتياز يثقل الشحنة المتواجدة في العين المؤجرة , و الأصل أن الامتياز لا يثقل منها إلا ما كان مملوكاً للمستأجر ، لأن المستأجر هو المتعاقد ، وهو وحده المدين بالأجرة بمقتضى عقد الإيجار .
على مرجعية أنه هنالك استثناءات ثلاثة شغل ترد على هذه القاعدة ( الأصل ) ، نجد فيها امتياز المؤجر ينصب على شحنة غير مملوكة للمستأجر ، فحسب من أجل وجودها في العين المؤجرة ، كما لو كانت عائدة للغير ، أو لزوجة المستأجر ، أو للمستأجر الثانوي …
#و تدخل شحنة الزوجة و المستأجر الثانوي في وعاء امتياز المؤجر بصورة مطلقة , سواء أعلم المؤجر وقت وضعها في المأجور بملكيتهما أم لم يدري .
#أما حمولة الغير فلا تدخل في وعاء امتياز المؤجر إلا لو كان المؤجرحسن النية ، أي يجهل حين وضعها في المأجور وجود حق للغير عليها .
و نبحث فيما يلي هذه الاستثناءات الثلاثة على التتابعً .
( أ ) – البضاعة المملوكة للغير :
تنص العبارة الثانية من المادة 1122 ق.م على أن امتياز المؤجر يثبت و لو كانت البضاعة
مملوكة للغير ، و لم يشير إلى المؤجر كان يعلم وقت وضعها في العين المؤجرة بوجود حق للغير فوقها ، و هذا دون إخلال بالأحكام المتعلقة بالمنقولات المسروقة أو الضائعة .
و يستفاد من ذاك المسألة أن امتياز المؤجر يصدر على الإرسالية المتواجدة في العين المؤجرة ، و إن كانت مملوكة للغير ، كما لو كانت موجودة لدى المستأجر على سبيل العارية أو الرهن أو الوديعة أو البيع مع اشتراط احتفاظ ذو الدكان بالملكية حتى يدفع له السعر .
و ملحوظ أن هذا الحكم ينطوي على الخروج من عن القواعد العامة ، و هو يرتكز على الحيازة الافتراضية التي خلعها المشرع على المؤجر بنص المادة 1112 / 2 التي تمضي باعتبار المؤجر حائزاً بخصوص إلى المنقولات الموجودة في العين المؤجرة .
لكن امتياز المؤجر لا يأتي ذلك على بضاعة الغير إذا أثبت صاحبها عند طلب استردادها فرد من أمرين :
إما أن المؤجر كان يعلم أنها غير مملوكة للمستأجر ،
و إما أن الشحنة مسروقة أو ضائعة .
A ـ فلكي يثبت للمؤجر امتيازه على منقولات الغير يقتضي أن يكون حسن النية : أي أن يجهل وقت وضع هذه الإرسالية في العين المؤجرة أن هذه الشحنة مملوكة للغير . و قد تأيد هذا بعدة قرارات صادرة عن محكمة النقض .
إذاً :لكي يثبت امتياز المؤجر على شحنة الغير ينبغي أن يكون المؤجر حسن النية .
و يكفي توافر حسن النية عند دخول الحمولة في العين المؤجرة ، فإذا علم المؤجر في أعقاب هذا بملكية الغير لها ، فإن هذا لا يمنع من خضوع الشحنة للامتياز ، حتى بشأن للأجرة التي تسـتحق بعد أن يعلم المؤجر أنها ليست للمستأجر .
و يلاحظ أن حسن نية المؤجر قرينة شرعية قابلة لإثبات العكس ، و ربما هدمها بأحد أمرين :
الأول : أن يبادر الغير فور وضع المنقول في العين المؤجرة إلى إعلام المؤجر بأن له حقوقاً عليه ، و حينئذٍ ينتفي عن المؤجر حسن النية ، و بهذا لا يصبح على علاقة حقه بالمنقول .
و لا يشترط طريق خاص لإعلام المؤجر بحق الغير ، انهزم يحصل ذلك بصورة شفهية أو كتابية .
الثاني : كل حالة تستفاد منه قرينة قضائية على إلمام المؤجر بأن الحمولة مملوكة للغير :
كما لو كان المؤجر قد أجر عقاره إلى شخص يعلم أن طبيعة مهنته تستلزم وضع إرسالية الغير بين يديه ، كالسـاعاتي ، و الخياط ، و صاحب المرآب ، و صاحـب الفندق , و صاحب متجر يتولى بيع شحنة الغير بالمزاد العلني .
ففي هذه الأحوال لا يقتضي الغير بإعلام المؤجر بتعلق حقه بالمنقول المسلمللمستأجر ، فيفترض في المؤجر علمه بذلك ، و لا يحق له أن يبسط امتيازه على هذا المنقول .
Bـ إذا كانت الحمولة الموجودة في العين المؤجرة مسروقة أو ضائعة ، امتنع على المؤجر أن يمنع مالكها من استردادها ، عملاً بالفقرة الأولى من المادة 928 ق.م التي تقضي بأنه :
« يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله , إذا انهزم أو سرق منه ، أن يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نية ، و ذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة » .
و ملحوظٌ أن ذاك الإعادة ممكن ، و لو كان المؤجر حسن النية .
و لقد في وقت سابق أن رأينا أن ذاك الإعادة محتمل من الدائن المرتهن رهن حيازة ، و بذلك فهو محتمل من باب أولى من المؤجر الذي يتمسك برهن ضمني .
( ب ) – الحمولة المملوكة للزوجة :
تنص الفقرة الثانية من المادة 1122 ق.م على خلفية أنه : يثبت الامتياز و لو كانت البضاعة مملوكة لزوجة المستأجر .
و يستفاد من هذا الموضوع أن المشرع يثقل حمولة الزوجة بامتياز المؤجر بصورة مطلقة ، و سواء أدري المؤجر بملكيتها لها أم لم يعلم .
أي أن المشرع لم يجعل من حسن نية المؤجر مناطاً لتعلق امتيازه بمنقولات الزوجة ، كما تصرف في صدد حمولة الغير .
و يبنى خضوع إرسالية الزوجة لامتياز المؤجر على أساس من التشريع نفسه ، إذ أن الدستور هو الذي يتخذ مرسوم تحمل هذه الإرسالية بالامتياز ، على اعتبار أن الزوجة تفيد من العين المؤجرة ، إذ هي تجد فيها مملاذ لها و لأولادها ، و مقراً تحفظ فيه منقولاتها .
ويترتب على ذاك أن حمولة الزوجة تتحمل بامتياز المؤجر ، سواء أدري المؤجر بحق الزوجة عليها عند إدخالها في العين المؤجرة , أم لم يعلم .
و يرى البعض أن خضوع بضاعة الزوجة لامتياز المؤجر يستند إلى إرادة الزوجة التي تعد قابلة ضمناً إخضاع منقولاتها إلى امتياز المؤجر ، حينما رضيت بوضع منقولاتها في العين المؤجرة .
و يرد على ذاك الرأي أنه يؤدي إلى إفلات إرسالية الزوجة من الخضوع لامتياز المؤجر إذا كانت تجهل حين وضع منقولاتها في العين المؤجرة أن هذه العين مستأجرة ، كما لو كانت تعتقد أنها مملوكة لزوجها ، إذ لا مجال في هذه الحالة للقول بارتضاء الزوجة لخضوع منقولاتها للامتياز ، مع أن صراحة المادة 1122 تفيد خضوع إرسالية الزوجة للامتياز ، سواء أعلمت الزوجة أم لم تعلم بأن زوجها مسـتأجر للعين المؤجرة .
و يرى الشراح أن الزوجة إذا أخطرت المؤجر ، قبل دخول منقولاتها في العين ، بعدم رغبتها في جلَد هذه الشحنة بالامتياز ، و سمح المؤجر بدخول هذه الشحنة دون اعتراض منه ، فإنه لا يكون له حق امتياز أعلاها ، على أساس أن المؤجر يحتسب نازلاً نزولاً ضمنياً عن حق امتيازه على هذه الإرسالية .
إذاً :
# إن امتياز المؤجر يثقل بضاعة الزوجة ، سواء أدري المؤجر بملكيتها لها عند إدخالها في العين أم لم يعلم ، فالمشرع لم يجعل من حسن نية المؤجر مناطاً لتعلق امتيازه بمنقولات الزوجة .
# أما الحمولة المملوكة للغير ، فلكي يثبت للمؤجر امتيازه فوق منها ، ينبغي أن يكون حسن النية ، أي أن يجهل وقت دخول هذه المنقولات في العين المؤجرة أن هذه الإرسالية مملوكة للغير .
( ج ) ـ شحنة المستأجر الثانوي : ( المستأجر من الباطن ـ المستأجر من المستأجر الأصلي ) :
إن امتياز المؤجر ينشأ ، لا على بضاعة المستأجر الأصلي فحسب ، بل على حمولة المستأجر الثانوي أيضاًً .
و يلاحظ أن قانون مصادر المحاكمات المدنية قد أكد سلطان المؤجر على شحنة المستأجر الثانوي ، وقتما أصدر قرارا في المادة 313 / 1 إلى أن لمؤجر العقار أن يوقع في مؤتمر المستأجر والمستأجر الثانوي الحجز الاحتياطي على المنقولات و الثمرات و المحصولات الحاضرة في العين المؤجرة ، و هذا ضماناً لحق الامتياز المقرر له في التشريع المدني .
وقد تأيد ذلك بقرار لمحكمة النقض عام 1953.
و يتفاوت ميدان امتياز المؤجر على بضاعة المستأجر الثانوي باختلاف ما لو أنه الإيجار الثانوي مسموحاً به أم لا :
#فإذا كان الإيجار الثانوي مباحاً ، كما لو أجاز المؤجر للمستأجر الأصلي التأجير ، فإن امتياز المؤجر على شحنة المستأجر الثانوي لا يكفل إلا المبالغ التي تكون مستحقة للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر الثانوي , في الزمان الذي ينذره فيه المؤجر بعدم دفع هذه المبالغ إلى المستأجر الأصلي .
#أما إذا كان الإيجار الثانوي محظوراً ، بأن كان المؤجر قد اشترط على المستأجر الأصلي صراحةً في العقد عدم جواز إجارة المأجور للغير ، فإن امتياز المؤجر الأصلي على منقولات المستأجر الثانوي يكون ضامناً لكل المبالغ المستحقة له في ذمة المستأجر الأصلي بمقتضى عقد الإيجار الأصلي ، و لو كانت تزيد على ما للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر الثانوي .
حتّى للمستأجر الثانوي في هذه الموضوع حق الرجوع على المستأجر الأصلي بما دفعه صعود عما هو ثابت في ذمته .
و يلاحظ أن خضوع شحنة المستأجر الثانوي إلى امتياز المؤجر في الحدود السابقة يستند في أساسه إلى التشريع ، لا إلى قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز ، بدليل أن امتياز المؤجر على إرسالية المستأجر الثانوي يثبت سواء أدري المؤجر عند دخول الإرسالية في العين المؤجرة بأنها مملوكة للمستأجر الثانوي أم لا .
و ظاهر أن شأن إرسالية المسـتأجر الثانوي في ذلك شأن حمولة الزوجة ، ففي الحالين تدخل الحمولة في وعاء امتياز المؤجر ، و لا اعتبار لجهله أو علمه بمالكها .
[ ملاحظة : المستأجر الثانوي يسمى في مصر : المستأجر من الباطن . و في العراق : المستأجر من المستأجر الأصلي ] .
ثالثاً -أن تبقى الشحنة في العين المؤجرة :
فمن شروط ثبوت امتياز المؤجر على الإرسالية الحاضرة في المأجور : بقاء البضاعة في العين المؤجرة ، و إلا انقضى امتياز المؤجر .
انقضاء امتياز المؤجر
يتلاشى امتياز المؤجر بالأسباب العامة التي تنقضي بها سائر الامتيازات ، و ينقضي أيضاًًًً بأسباب خاصة ، تستأنف اعتبار المشرع إياه حائزاً من منظومة خاص للمنقولات و المحصولات الموجودة في العين المؤجرة .
فإذا زالت حيازة المؤجر انقضى امتيازه ، لفقدان الأساس الذي يقوم عليه هذا الامتياز .
و نورد فيما يلي الأسباب المختصة لانقضاء ذاك الامتياز :
1 ) ـ ينقضي امتياز المؤجر إذا نقلت المنقولات أو المحصولات من العين المؤجرة برضاالمؤجر ، أو بعلمه و دون معارضته :
و يعد المؤجر أنه راضٍٍ مقدماً رضاء ضمنياً بنقل السلع التي يضعها المستأجر صاحب المتجر في العين المؤجرة ، أو البضاعة الأخرى التي تتطلب أمور الحياة نقلها من العين المؤجرة .
فإذا باع ذو المحل شيئاً من هذه السلع و سلمه إلى مشترٍٍ حسن النية ، انقضى امتياز المؤجر بالأعلى . [ و في القانون المدني المصري يلزم المستأجر بوضع بضائع أخرى ، إذا كانت المنقولات الباقية في العين المؤجرة غير كافية لضمان الوفاء بحقوق المؤجر ] .
2 ) ـ يزول امتياز المؤجر على البضاعة التي تنقل من العين ، و لو حصل ذاك النقل بالرغم من قوى مقاومة المؤجر أو بلا علمه ، إذا كان ما بقي من المنقولات في العين كافياً لضمان حقوقه :
و مبنى ذلك الحكم هو أنه ما واصلت حقوق المؤجر مضمونة بما بقي من الممتلكات ، فلا يجوز له التعسف في استعمال حقه في لحظيا امتيازه على ما رحل عن الأموال لما يلحق ذلك من إضرار بالمستأجر بلا حجة .
و يرى القلائل أن المشرع في هذه الحال يفترض فرضاً غير إجتمع لإثبات العكس ، أن المؤجر قد رضي وقت إمضاء العقد بأن ينقل المستأجر من العين المؤجرة بأي موعد الإرسالية التي تعدى القدر الضروري لضمان حقوقه .
و لولا افتراض المشرع ذلك ، لتعذر القول بعبور الامتياز في هذه الحالة لأن الامتياز بطبيعته حق عيني غير قابل للتجزئة ، يبقى قائماً على جميع المنقولات المثقلة به إلى حين وفاء حق الدائن كله ، و ينتمي تلك الشحنة في أي يد كانت ، ما لم يصطدم بحق للغير محترم .
3 ) ـ يتلاشى امتياز المؤجر إذا فقد حيازته على البضاعة و المحصولات بغير طريق خروجها من العين :
كما لو انهزم حيازته على العين المؤجرة نفسها .
فإذا باع المؤجر العين المؤجرة ، و سلمها للمشتري ، امتنع عل المؤجر أن يبتدأ امتيازه هذا ضماناً للمبالغ المستحقة له قبل البيع .
و لقد اختلف الفقه في حال ما إذا باع المؤجر العين لآخر ، و اتفق برفقته إلى أن لديه منقولات المستأجر في العين نيابة عنه ، فهل يبقى الامتياز في هذه الموضوع أم يزول؟
المقترح الراجح هو أن الامتياز يبقى ، بشـرط قبول المستأجر ، لأن المشتري يكون هنا بمثابة العدل .
ولا يعترض على ذلك بأن المشتري هنا لا يملك الإرسالية حيازة حقيقية ، و بذاك غير جائز اعتباره عدلاً ، ذاك لأنه و إن كانت حيازة المشتري هنا ناقصة و غير على الفور ، إلا أن المشرع يكتفي بـهذا النـوع من الحيازة في المؤجـر ، فلا يصح أن نحتاج فيمن عنده نيابة عنه حيازة أقوى .
رتبة ذاك الامتياز
يحتل امتياز المؤجر المرتبة السادسة ، عقب
– امتياز المصروفات القضائية .
– امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة .
– امتياز مصاريف حفظ المنقول و ترميمه .
– حقوق الامتياز العامة المنصوص عليها في المادة 1120 ق.م .
– امتياز مصروفات الزراعة و الآلات الزراعية .
و يلاحظ بصدد المؤجر أنه يعد حائزاً بحكم التشريع ، و هو بهذه المكانة يستطيع أن يعتصم بحسن تقريره لإنكار عموم ما كان يترتب على المنقول من قيود و تكاليف نقدية . و بهذا الأثر المطهر للحيازة قضت المادة 927 /2 حين قد قررت أنه :
« إذا كان حسن النية و الدافع الصحيح قد توافرا لدى الحائز في اعتباره الشيء خالياً من التكاليف و القيود المادية ، فإنه يكسب الثروة متفردة منها » .
و تطبيقاً لما تتيح : إذا وضعت في العين المؤجرة شحنة مثقلة برهن حيازي لدائن أحدث تخلى عن حيازتها ، فإن مؤجر العقار يحق له نهض باحتجاز هذه البضاعة في محفل الدائن .
و إذا كانت الحمولة مثقلة بحق امتياز متقدم في الرتبة على امتياز المؤجر ، امتنع الاحتجاج على المؤجر بهذا الامتياز ما دام حسن النية و مستنداً إلى حجة صحيح .
[ و يقصد بالسبب الصحيح هنا عقد الإيجار الخالي من الإشارة إلى ما يثقل المنقولات من قيود و تكاليف عينية ] .
وذلك ما نصت أعلاه صراحةً الفقرة الرابعة من المادة 1122 ق.م حين قالت :
« و تستوفى هذه المبالغ الممتازة من سعر الثروات المثقلة بالامتياز عقب الحقوق المتقدمة الذكر ، إلا ما كان من هذه الحقوق غير فعال في حق المؤجر باعتباره حائزاً حسن النية » .
و ايضا ما نصت أعلاه الفقرة الأولى من المادة 1112 التي تمُر بأنه :
« لا يحتج بحق الامتياز على من حاز المنقول بحسن نية » .
فإذا وضعت في العين المؤجرة سيارة أنفق فوقها مصروفات الحفظ و الصيانة ، دون أن يدري المؤجر عند دخولها في العين بخضوعها لامتياز مصاريف التخزين و الترميم ، ففي هذه الحالة لا يسري هذا الامتياز على المؤجر ، و بذلك يتقدم المؤجر على الميكانيكي في استيفاء حقه .
و كذا لو اشترى المستأجر آلة زراعية ، و وضعها في العين المؤجرة ، دون أن يعلم المؤجر عند إدخالها في العين أن قيمتها لما يدفع ، ففي هذه الموقف أيضاً يتقدم المؤجر على ذو دكان الآلة الزراعية في استيفاء حقه .
وإذا وضعت في العين المؤجرة بضاعة مثقلة بامتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة ـ سواء أكان هذا الامتياز عاماً أم خاصاً ـ دون أن يعلم المؤجر عند دخولها في العين بأنها مثقلة بامتياز الخزانة ، ففي هذه المسألة لا يسري امتياز الخزانة على المؤجر ، و يتقدم المؤجر أعلاها في استيفاء حقه .
وإذا تزاحم مؤجر عقار مع مؤجر عقار آخر ، كما إذا ولى دبره المستأجر ثلاجة ( براداً ) من العين التي استأجرها من زيد إلى عين أخرى استأجرها من عمرو ، ففي هذه الحال يتزاحم بالفعل زيد و عمرو ، فلو كان عمرو يجهل عند وضع الثلاجة في داره كونها مثقلة بامتياز زيد ، كان له أن يتمسك بعدم انسياب هذا الامتياز في مواجهته ، استناداً إلى قاعدة ح.م.س.ح .
و يُستثنى من حكم هذه المسألة ما لو كان زيد ، ذو الامتياز المنصرم ، قد أوقع الحجز الاستحقاقي على الثلاجة التي نُقلت من داره ، خلال ثلاثين يوماً من نقلها ، إذ في هذه الشأن لا يمكن له عمرو ذو الامتياز الآتي أن يحتج بامتيازه .
أما لو أنه عمرو يعلم عند وضع الثلاجة في داره كونها مثقلة بامتياز زيد ، فإن الامتياز لا يثبت له ، ويتقدم عليهمن ثمَّزيد ذو الامتياز الفائت .
Originally posted 2021-10-22 20:53:10.