بحث فى حقوق الأبناء في إطار الشريعة الاسلامية
الأبناء هم الثمرة المرجوة من الزواج ، والإنجاب هو الهدف الأكثر أهمية من غايات النكاح ولذا لأنهم يمثلون بذور الحياة البشرية في المستقبل والجيل الجديد الذي يرث الحياة ويحفظ استمرارها عبر الزمان لذا كان لا مفر من الاعتناء بهم إعتناء خاصة حتى يشبوا بِاستطاعتهم أن الاحتفاظ بأمانة الاستخلاف الآدمي في الأرض وتسليمها إلى الجيل الذي يجيء بعدهم ولا يكمل هذا سوى بإيجاد الضمانات الكافية لسلامتهم النفسية والجسمية والعقلية والروحية .
بهدف ذاك اعتنى الإسلام بخصوص الأبناء وجعل لهم على العائلة أما وأبا حقوقا يلزم عليهما القيام بها مثلما يلزم وتلك الحقوق تحتوي في المقبل :
1 /ثبوت النسب وقد اعتنت الشريعة الإسلامية بثبوت النسب وحرمت على الأباء أن ينكروا أبناءهم أو يدعوا بنوة غير أبنائهم لهم وقضت بسبة الأبناء إلى آبائهم ادْعُوهُمْ لِأغسطسَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ
2 /الرضاع : وهو من النفقة الواجبة على الوالد لابنه بما يعني أنه ملزم قانونا بتجهيز المرضع وسداد أجرة الرضاعة إذا امتنعت الأم عنها أو كانت بوضع لا تستطيع منها . أما الأم فتطالب بذاك دينا أي بينما بينها وبين ربها لا قضاء سوى لو كان الصبي بحال لا يستغني عن إرضاعها كأن لم تبقى مرضع غيرها أو رفض رضاع غيرها .
3 /الحضانة : وهي تربية الغلام وإعتناء شئونه ممن هو متطلبات بالحضانة شرعا والأم هي أول من تكون أعلاه مسؤولية حضانة الضئيل ما لم تتزوج من غير أبيه ولذا تبعا لما لها على نجلها من عطف وحنان غريزي وإذا أسقطت الحضانة عن الأم قدمت قرابتها على الوالد وعلى قرابته .
4 /حسن التربية : ولذا بإعدادهم إعدادا صالحا بإنماء الدين والأخلاق في نفوسهم ومجتمعاتهم صرح النبي صلى الله عليه وسلم : ألا كلكم راع وكلكم يتحمل مسئولية رعيته فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو صاحب مسئولية عن رعيته والرجل راع على أهل منزله وهو صاحب مسئولية عن رعيته والمرأة راعية في منزل قرينها وولده وهي مسئولة عن رعيتها وعبد الرجل راع على ملكية سيده وهو صاحب مسئولية عنه ألا فكلكم راع وكلكم صاحب مسئولية عن رعيته ويدخل في ذاك هدف تعليمهم وحسن تحديد وجهتهم وتوفير الأوضاع الموائمة التي تمكنهم من القيام بواجبهم في التعليم .
5 /الإنصاف بين الأبناء : والعدل ثمن من قيم الإسلام الضرورية في كل الأشياء وفي مختلف الظروف : مثلما أفاد الله سبحانه وتعالى : وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وتحدث النبي صلى الله عليه وسلم : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ذاك أن النعمان بن بشير أعطى ابنا له تم منحه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا فقال له عليه الصلاة والسلام : أفعلت ذلك بولدك عامتهم صرح : لا أفاد (عليه الصلاة والسلام ) اتقوا الله واعدلوا في أولادكم
6 /حسن اختيار الاسم له : هذا لأن الاسم الجديد له معنى وله مدلول وقد تحميس النبي (عليه الصلاة والسلام ) حتّى يفاضل الوالد لنجله اسما حسنا وأن يبتعد عن الأسماء المستكرهة أو هذه التي تحتوي على معان غير ملائمة أفاد رسول الله (عليه الصلاة والسلام ) إنكم تدعون الآخرة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم وتحدث (عليه الصلاة والسلام ) إن أحب أسمائكم لدى الله سبحانه وتعالى عبد الله وعبد الرحمن
المقصود بالولاية على النفس : هو المراقبة على السلوكيات المرتبطة بنفس القاصر من إذ التعليم والتربية والإعتناء والتأمين حتى التزويج .
الغرض من الولاية على النفس : إن الإنسان يأتي ذلك في ذلك الوجود ضعيفا لا يقوى على الانفراد بمواجهته سوى حتى الآن زمن طويل .
فإذا كانت حفظ الحيوان لصغاره قصيرة ، فرعاية الإنسان لأبناءه طويلة ، تطول خمسة عشر عاما على أقل ما فيها فيما الحيوان لا تطول رعايته لصغاره لأكثر من قليل من أسابيع أو أشهر على الأكثر ولذا التدهور الذي يصحب الإنسان منذ ولادته نظم الإسلام له ولاية لرعايته وحمايته حتى يستقيم شابا قويا يستند على ذاته ولا يتشابه ذاك باختلاف الأزمان فإنه متى ما تعقدت طرق الحياة كان التضاؤل لا يتلاشى سوى كثيرا الإلمام والخبرة بالحياة ، مثلما أن هذا لا يشبه على حسب صنف الإنسان من إذ الذكورة والأنوثة فإن الذكر يصل درجة الشدة والاستغناء قبل الأنثى التي يقتضي أن يرعاها ويحفظها وليها ما إذا كان أبا أو زوجا .
أشكال الولايات على الإنسان :
1 /الولاية على النفس : وهي ما يقوم فيها وليه بمراعاة شئونه منذ ولادته ففي مرحلة الحضانة تحتضنه الأم وتسقيه من ثديها القوت ومن صدرها العطف والحنان حتى تشاهد فيه النوازع والأحاسيس الآدمية .
وقد تحفيز الإسلام على استيفاء الرضاعة لعامين صرح الله سبحانه وتعالى : وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ والولاية في تلك المرحلة خاصة بالأم أو امرأة أخرى تقوم مقامها ، لأن الغلام في تلك الفترة يفتقر إلى أمومة مطردة حتى يصبح غلاما يألف الناس ويألفونه أما الأب فإنه يأخذ دورا في تلك المدة بالإنفاق على الأم حتى تقوم بواجبها لهذا كانت النفقة واجبة فوق منه فلو وقع أن أم الغلام لم يمكن لها إرضاعه لقلة لبنها أو لمرضها وجب على الوالد أن يدفع الملكية لامرأة أخرى تقوم بإرضاعه صرح الله سبحانه وتعالى : وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا قادمَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ
ثم إن الوالد يساهم ايضا بالولاية على النفس بالرعاية والتهذيب والصيانة والتأمين حتى لو انقضت مدة الحضانة استقل الوالد بالولاية على النفس فيكون هو المسؤول في الحال عن الولد الصغير ولهذه الولاية لزوم قصوى في حياة الأطفال حيث هي ما يصلح بها الناشئة وتجعل المجتمع قائما على التآلف والحفاظ على وشائج القربى رابط الأرحام وإعتناء حقوق الأبوين ، وبالتالي يقل داخل المجتمع الشذوذ والجنوح السلوكي والأخلاقي للأطفال مثلما تختفي ظاهرة تشرد الأطفال وتسولهم وجنوحهم إلى الجرائم .
لأن الأطفال باستمرار يكونون أسفل الاستظهار المباشرة لوالديهم في حال استقرار حياتهما الزوجية أو في إستظهار من تؤول إليه الولاية حال انفصالها بالطلاق أو إلى وال ينوب عنهما حال موت ذو الحق في الولاية أو فقده لشرط من شروطها .
2 /الولاية على الملكية : وهي متخصصة بعناية ثروة الضئيل والمجنون لو كان لهما ملكية – بإدارته وتنميته وتزكيته حفظا وصونا ذاك أن الضئيل لا يمكنه على الفور ثروته وتنميته وحمايته لهذا يضطلع بـ هذا الولي على ثروته على أن يصل الضئيل الرشد الذي يمكن له من القيام على ممتلكاته .
مثلما صرح الله سبحانه وتعالى : وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا ويلمح أن الولي على النفس ليس هو باستمرار الولي على الثروة سوى إذا أوكل إليه ذاك .
أما إن لم يوكل إليه القيام على الثروة فإن الحاضر على الملكية يكون الوصي الذي عهد إليه ذاك من قبل الوالد وإلا فإن القاضي يمايز له من يصلح للقيام بذاك .
عوامل الولاية على النفس :
تثبت الولاية على النفس إذ يتحقق واحد من أمرين : –
الأضخم : العجز عن وقوف الواحد وحده في الحياة واحتياجه إلى من يحافظ عليه ويتوقف على شئونه في معترك الحياة .
الـ2 : أن يكون الفرد في طلب إلى التأديب والتهذيب والتعود على الأعراف الإسلامية الكريمة وبالنظر في أوضاع الناس نجد أن هذين الأمرين يتحققان في ثلاثة عوامل هي : الصغر – والجنون – أو العته والأنوثة في دائرة خاصة .
المبرر الأكبر : الصغر : يولد الإنسان ضعيفا محتاجا لمن يتوقف على احتياجاته وهو في ذاك يجتاز بمرحلتين .
الجولة الأولى : مدة ولقد المفاضلة : وتلك الفترة لا تكون التبعة فيها ملقاة على الولي ، لكن يشاركه فيها الحاضنة لأن الضئيل هنا بحاجة إلى إستظهار المرأة وإشرافها إذ تكون تتحمل مسئولية الحفظ اليومية من تجهيز غذائه وإطعامه وإلباسه ونظافته والإشراف على منامه ، والقرب منه للوفاء بحاجاته اليومية الفورية ، إضافة إلى ذلك إمداده بالعطف والرحمة والمودة- أما الولي على النفس فهو الذي يصونه ويربيه ويهذبه ويقوم بتطبيبه وإنماء ذهنه ومعاونته في مصاعبه الحياتية ، ويحفظ أعلاه في دينه وأخلاقه ويراقب الحاضنة لينشأ نشأة حسنة متزنة .
المدة الثانية : فترة المفاضلة دون البلوغ : وفي تلك الفترة ينفرد الولي على النفس بالمسؤولية عن الطفل مع عدم وقوع الاحتياج إلى الحاضنة ويتمثل مقتضي الولي على النفس في شؤون ثلاثة :
الموضوع الأضخم – ولاية التعليم والتأديب : إذ يقوم الولي بتعليم الطفل بشخصه أولا ببذر مبادئ الدين في ذاته وتعويده على إعتياد أداء عدد محدود من العبادات كالصلاة وتعليمه قراءة كتاب الله الخاتم وحفظه .
مثلما أفاد ( عليه الصلاة والسلام ) : مروا أولادكم بالدعاء لسبع واضربوهم أعلاها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع لهذا تجد من أبناء المسلمين من يحفظ كتاب الله الخاتم جميعه وهو لم يتعدى العشر أعوام من السن . مثلما تقع على الولي مسؤولية التعليم النظامي للصغير بحيث يأخذه إلى المدرسة ويتيح له احتياجاته الدراسية ومصروفاته وكل ما يحتاجه في تلك المدة وجوبا .
الموضوع الـ2 : ولاية التزويج : وترتبط بتزويج البالغ حراسة لمصالحه . وهي إما أن تكون ولاية إجبارية ولذا فيما يتعلق لقاصري الذهن أو ولاية اختيارية وتكون للمرأة البالغة العاقلة . وإنما جعلت ولاية الزواج الاختيارية على المرأة لأن الرجال صناديق مقفلة فيما يتعلق للنساء وعقد الزواج يحتسب إتفاق مكتوب حياة لها وهي لا تعرف أسرار الرجال لأن أكثر الحريم محافظات لا يخرجن من المنزل سوى في حواجز ولا يختلطن بالرجال سوى بضوابط وفي قليل من الأوضاع وفق تعاليم الشريعة الإسلامية والأغلبية منهن تترك تأثيرا فيهن العاطفة الوقتية المتعجلة فكان من مصلحتها أن يشترك برفقتها الولي في الاختيار إذ إنه يميل في حكمه إلى التعقل وترجيح الهيئة المطردة على الهيئة الطارئة الزائلة . إضافة إلى ذلك أن قسيمة الزواج فيه آثار ترجع على العائلة معا لأن فيه إدخال عضو مودرن فيها ولقد
يدخل ذلك الاتفاق المكتوب عضوا جديدا يحمل العار أو الفجور للعائلة ، خلافا للتصرفات المادية فإنها كالولد في هذا من الممكن أن تستقل فيها ببلوغ الرشد ولكن تلك الولاية ليس المرغوب منها إجبار الولي المرأة على الزواج ممن لا تريد ، ولقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم : الأيم أحق بشخصها من وليها وأتى في العام : أن امرأة أتت إلى النبي (عليه الصلاة والسلام ) فقالت يا رسول الله إن والدي زوجني من ابن شقيقهُ ليرفع بي خسيسته وأنا لا أود فذكر لها عليه الصلاة والسلام أن ذاك ليس لأبيها فقالت : لقد أمضيت ما إجراء والدي غير أن أردت أن أدري أن للنساء من المسألة شيئا؟
الموضوع الـ3 : ولاية التخزين والتصليح : قدمنا أن الولي فوق منه لازم رعاية الضئيل وصيانته لأن الضئيل يفتقر إلى الدفاع فيبعده عما يلحق به الضرر في جسده أو في عضو منه . وإنه يقتضي على الحاضنة والولي أن يتعاونا في إستظهار الصغر فإن أصابه ضرر نتيجة لـ إهمالهما أو تفريطهما في حفظه وصونه حوسبا ومن ذاك مثال على ذلك : أن الأم إذا كانت هي الحاضنة فخرجت وتركت الولد فوقع في النار فإنها تصون الدية وتعاقب مع ذاك تعزيرا لتفريطها لأن القاعدة العامة أن الولي إن أهمل في تخزين الضئيل ورعايته فإنه ترفع يده عن الضئيل وتتلاشى ولايته عنه ويدفع لمن هو أهل لذا .
المبرر الـ2 : الجنون أو العته : إن الجنون أو العته علتان تؤديان إلى زوال الذهن الذي هو مناط الفعل المسؤول أو القبض الشهري للمسؤولية لهذا فإن المجنون يكون في حكم الضئيل الذي يفتقر إلى ولي يرعى شئونه ويحفظ مسحقاته مثلما أنه على الأرجح يفتقر إلى ولي على ممتلكاته إذا كان له ثروة فالولي على النفس لا يدعه في الطرقات بحيث يتعرض الناس لأذاه ويتعرض هو لأذاهم ويكون شكله معلنا خسر كرامته .
وبالجملة فإن ما يقتضي للمجنون على الولي هو كما ينبغي أعلاه للصغير سوى التأديب فإنه للمجنون يكون تعذيبا لا نفع منه .
مثلما أن الولي يكون وكيلا عن المجنون في المطالبة بحقوقه على الآخرين فيطالب بعقوبة جميع من يلحق بالمجنون أذى مثلما يطالب بالقصاص ممن يقتله . أما ما يحدث من المجنون من أذى على الناس فإن المصدر أن الأطراف الحدودية التشريعية لا تتم إقامة فوق منه لأنه غير مكلف حيث مناط الإنفاذ الذهن وهو زائل عنه أما الجنايات التي توجب قصاصا أو دية فإنها تؤدي من ملكية عاقلته ولذا لأن حقوق العباد لا قبِل الوقوع بالأعذار هذا أن عمل المجنون يحتسب من قبيل الخطأ .
المبرر الـ3 الأنوثة : أساس الولاية على الأنثى هو كون المرأة بطبيعة تكوينها الجسماني عرضه للجوائح الاجتماعية زيادة عن الشبيبة ، وإذا مُنِيت بشيء من هذا كان في ذاتها أعمق تأثيرا وفي كرامتها أقصى أثرا ، وما يمسها يمس عائلتها بالعار إن تعلق بسمعتها وإن الإسلام الذي يود المجتمع نزيها عفيفا يدعو إلى ألا تغشى المرأة مجتمعات الرجال سوى بشدة من الأخلاق الفاضلة والإرادة ذات البأس وضوابط تحكم فعلها ،
وهذا كله لا يكون سوى إذا كانت هنالك مشاركة لها في حماية وحفظ ذاتها والمحافظة على سمعتها وشرفها فكان لا بد أن يكون الشريك لها في الولاية على ذاتها واحد من شخصيات عائلتها التي تتصل بها في مختلف ما يعيبها أو يحفظها بالفضلا على ذلك هذا فإن المرأة على حسب وظيفتها الاجتماعية فطرت على عاطفة ذات بأس تربي بها صغارها وتصبر من أجل هذه العاطفة على أذاهم على الرغم من ما تلاقيه من عنت ومشقة وهذا لتماسك ارتباط الأم بولدها أما تشاهد أن الوالد يضيق صدره من بكاء الضئيل في حين الأم يكاد ينفطر مهجتها شفقة فوقه فتضمه إلى صدرها بحنان حتى يسكت فيما الوالد يغادر من المنزل لصلابة تضايقه .
مرحلة الولاية على النفس :
فترة الولاية على النفس هي زمن مكوث المبرر فتستمر باستمراره وتنتهي بانتهائه . ف
لو كان الدافع هو الصغر فإنها تنتهي بالبلوغ وإذا كان الدافع هو الجنون أو العته فإنها تنتهي بالاستقامة ولو أنه العلة هو الأنوثة فإنها تظل مادامت الأنثى غير مأمونة على ذاتها فإذا أصبحت مأمونة على ذاتها أولا يخاف أعلاها الفساد ، فإن الولاية على النفس بالحفظ والإصلاح تنتهي وأما ولاية الإسهام في اختيار القرين فإنها تتواصل لأن الدافع في وجودها ليس إدارة المرأة ليس إلا إلا أن تندرج فيها إدارة العائلة فلا تنتهي سوى باختيار القرين الملائم .
من هو الولي عن النفس : هو واحد من الأقربين الذين تربطهم علاقة رحم صلبة وقريبة بالصغير أو المجنون أو الأنثى ، وتتدرج تلك الولاية فتنتقل من الأعلى إلى الأدنى الذي يتبعه حتّى تبلغ إلى الوصي أو من يعينه القاضي ذاك لدى انعدام من هو أعلى منه أو قيام عائق به يبدل دون ولايته .
محددات وقواعد الولي على النفس :
لما كانت الولاية تدور بشأن حماية وحفظ اهتمامات من نهضت به عوامل الولاية فوقه فإنه يشترط في الولي محددات وقواعد وظيفة حتى يقدر على من القيام بواجبه وتلك المحددات والقواعد هي :
أولا : أن يكون بالغا عاقلا : لأن هذين الشرطين بهما تحصل الإدارة وبهما يعلم الواحد إدارة ذاته حتى يدري منفعة غيره .
ثانيا : الإسلام : ذاك أن توابع الولاية وواجبات الولي : حماية وحفظ دين الضئيل ، والقيام بالأحكام القانونية المرتبطة بمن وقفت على قدميها به عوامل الولاية فكان الإسلام شرطا لذا .
ثالثا : الذكورة : ولذا أن الرجل أميل في حكمه إلى الذهن والحكمة ، وأبعد عن العاطفة ، وأقدر على الإخلاص بحاجات القاصر ، وأمكن في حمايته ورعايته .
رابعا : أن لا يكون محجورا أعلاه : لأن تلك الولاية للحفظ والإصلاح والتربية مثلما إنها للمساعدة في اختيار القرين للأنثى فلا من الممكن أن تثبت سوى لرشيد يحسن الإجراء في ذاته ويحسن الاختيار لنفسه ولغيره والسفيه لا يحسن ولا يتمكن خطة أموره والاختيار لنفسه فأولى ألا يقدر لغيره .
خامسا : التمكن من رعاية من وقف على قدميه به دافع الولاية وصيانته لأن الولي لو كان شيخا عاجزا فإنه يضعف عن حماية وحفظ ذاته بالإضافة إلى غيره ، وأيضاً العاجز لمرض ونحوه .
سادسا : العدالة : والعدالة ضابط تشريعي يعتمد على الالتزام بالأوامر القانونية واجتناب النواهي التشريعية ، لا سيما الكبائر ، والحفاظ على أسباب المروءة ، لأن ذاك هو ما يحسن التعرف على وجه المنفعة في حين يختاره أما الفاسق فليس أهلا لذا .
نفـقة الأقــــارب :
أرسى الإسلام نظاما للتكافل الاجتماعي قائما في ما يتعلق بـ عام هو مسؤولية الجماعة عن إستظهار أفرادها غير القادرين على الدخل والقيام بحاجاتهم من المعاش والكسوة والمسكن ، وجعل قسم من تلك المسؤولية واجبا بحكم القضاء في دائرة العائلة والأقارب إذ جعل الرجل مسؤولا مسؤولية شرعية – لا على المعدّل الأخلاقي فحسب – عن النفقة على قرينته وأولاده العاجزين عن الدخل حتى يصلوا التمكن من الربح ،
وعلى والديه إذا عجزا عن الربح أو كانا فقيرين في حواجز استطاعته ومقدرته : لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا مقبلَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا مقبلَاهَا ويتفق الفقهاء على المسؤولية عن القرينة والأبناء والأبوين ويختلفون في توسيع تلك الدائرة بينما خلف هؤلاء من ذوي القرابة فالبعض يوجهها لغير هؤلاء والبعض يراها من باب الإحسان والتطوع . وقد وردت آيات وافرة في النفقة منها : وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وتحدث عليه الصلاة والسلام : كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت
Originally posted 2021-11-26 17:06:42.