ميراث ذوي الأرحام
توضيح مفهوم ذوي الأرحام :
في اللغة : الأرحام جمع رحم و الرحم في اللغة هو مخزن الجنين في أحشاء الحبلى ، و يطلق على القرابة بشكل حاسم سواء كانوا ذوي قرابة من ناحية الوالد أو من ناحية الأم ، فيقال : ” صاحب رحم ” أي ” صاحب ما يقارب ” .
و قد شاع لفظ تدشين ” الأرحام ” على ذوي القرابة في لسان اللغة و لسان الشرع ، أفاد الله سبحانه وتعالى : (( و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام )) الإناث 1 .
و أفاد هلم : (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطّعوا أرحامكم )) محمد 22
و أفاد ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (( من أحب أن يبسط له في رزقه ، و ينسأ له في أجله ، فليصل رحمه )) .
في المصطلح : الأرحام هم الذين ليس لهم إنفاذ مقدر في الكتاب أو السنة و ليسوا بعصبات ، فكل قريب له علاقة ما يقارب بالميت و لا يرث بطريق الإلزام أو التعصيب فهو من ذوي الأرحام مثل : العمّة ، و الخال ، و الخالة ، و ابن الشقيقة ، و ابن الفتاة ، و طفلة الشقيقة ،…. الخ .
مذاهب العلماء و الفقهاء في توريث ذوي الأرحام :
اختلف الفقهاء في توريثهم و انحصر ذلك الجدل في مذهبين هما :
المذهب الأكبر :
يشاهد عدم توريث ذوي الأرحام بشكل حاسم ، فإذا وافته المنية واحد و لم يخلف وراءه من يرثه بالفرض أو التعصيب و له صاحب رحم فلا شيء له ، و تعطى التركة إلى منزل الملكية .
و ذلك الإفتراض منقول عن زيد بن وطيد و بهيج بن المسيّب ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنهما ـ و هو مذهب الإمامين مالك و الشافعي ـ رحمهما الله ـ .
دلائل المذهب الأضخم : ( مالك و الشافعي ) :
احتجوا على عدم توريث ذوي الأرحام بما يلي :
1)أن المصدر في الميراث أن يكون بنصّ تشريعي قاطع من كتاب الله أو من سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ و ليس فيهما موضوعّ يثبت أن توريث ذوي الأرحام ، و من ثم فتوريثهما مع عدم حضور الموضوع باطل .
2)سئل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقال : (( أخبرني جبريل آلاّ شيء لهما … )) و واضح أن العمة و الخالة من ذوي الأرحام فإذا لم يكن لهما شيء من الميراث فلا شيء لغيرهما من ذوي الأرحام ، و بذلك فلا ميراث أصلا لذوي الأرحام .
3)أن الملكية إذا صرف لمنزل ثروة المسلمين تتحقق منه إمتيازات و مزايا وفيرة يشترك فيها جميع المسلمين ، على عكس ما إذا أعطيناه لذوي الأرحام فإن الاستفادة يكون منه ضئيلا و القاعدة أن تقدّم الهيئة العامة على الإدارة المختصة ، و أعلاه يكون منزل ملكية المسلمين أحق بالتقديم من ذوي الأرحام .
المذهب الـ2 :
يشاهد توريث ذوي الأرحام وعى أحق بالميراث في ظرف انعدام وارث بالفرض أو التعصيب ، وعى يقدمونهم على منزل ثروة المسلمين .
و ذاك الإقتراح منقول عن علي و عمر و ابن مسعود ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنهم ـ و هو مذهب والدي حنيفة و أحمد بن حنبل ـ رحمهما الله ـ و اعتمده متأخروا المالكية و الشافعية .
دلائل المذهب الـ2 : ( أبو حنيفة و أحمد بن حنبل و متأخروا المالكية و الشافعية ):
خسر استدلوا بالكتاب و السنة و المعقول :
من الكتاب : تصريحه هلم : (( و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) الأحزاب 6
فالأقارب بعضهم أولى ببعض في كتاب الله و حكمه ، و ذاك يشتمل على كل ذوي القرابة ، و المعلوم أن آيات المواريث بيّنت ميراث أصحاب الفروض و العصبات فكان الباقون من ذوي الأرحام أولى و أحق من غيرهم .
من السنة : ولقد استدلوا بما سقي أنه لما لقي حتفه ” وطيد بن الدحداح ” صرح ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (( هل تعرفون له نسبا فيكم ؟ فقال : إنه كان فينا غريبا و لا نعرف له سوى ابن شقيقته هو ” أبو لبابة بن عبد المنذر ” ، فجعل رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ميراثه له )) و ابن الشقيقة مثلما هو معلوم ليس بوارث لا بالفرض و لا بالتعصيب فهو من ذوي الأرحام .
مثلما استدلوا بما ري أن رجلا رمى ” سلس بن حنيف ” بسهم فقتله و لم يكن له وارث سوى خاله ، فكتب أبو عبيدة بن الجراح ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ إلى عمر بن الخطبة ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ يسأله في هذا ، فأجابه عمر بأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أفاد : (( الخال وارث من لا وارث له )) .
و الخال مثلما هو معروف ليس بوارث لا بالفرض و لا بالتعصيب فهو من ذوي الأرحام .
من المعقول : إن ذوي الأرحام لو لم يأخذوا ذلك النصيب من التركة لكان مصيره إلى منزل ثروة المسلمين ، أي يستحقه المسلمون ” بوصف الإسلام ليس إلا ” أما ذوو الأرحام فإنهم يرتبطون بالميت برابطتين ” علاقة الإسلام ” و ” صلة الرحم ” و من كانت له ما يقارب من جهتين فهو أشد و أولى و أحق ممن كانت له علاقة واحدة .
الترجيح بين المذهبين : نتيجةً لقوة ما استدل به أصحاب المذهب الـ2 من القرآن و السنة و المعقول ، و عملا بالمصالح المخصصة لذوي الأرحام نشاهد ترجيح ذلك المذهب القائل بتوريث ذوي الأرحام ، حاصة أن أصحاب المذهب الأضخم يشترطون في منزل الملكية أن يكون منتظما و أن يكون المشرف فوقه عدلا يمنح الحق إلى ذويه ـ مثلما مر معنا من قبل ـ و ذاك غير متحقق في واقعنا المعيش .
طريقة توريث ذوي الأرحام :
اختلف أصحاب المذهب الـ2 القائلين بتوريث ذوي الأرحام في أسلوب وكيفية توريثهم إلى ثلاثة مذاهب متفرعة :
1)مذهب أهل الرحم .
2)مذهب أهل القرابة .
3)مذهب أهل التحميل .
أولا : مذهب أهل الرحم :
يقولون بالتسوية بين ذوي الأرحام دون التفرقة بين قريب أو بعيد ، و لا بين ذكر و أنثى ، فكل شخص من ذوي الأرحام لديهم يرث مثلا : توفي و ترك : ( طفلة طفلة ، و فتاة شقيقة ، و عمة ، و خالة ، و ابن شقيق لأم ) فإن الجميع يتقاسمون التركة بينهم بالسوية .
و ذاك المذهب غير شهير .
Originally posted 2021-11-26 17:20:42.