فسخ العلاقة الزوجية وما يتمخض عنه من حقوق وواجبات
فسخ العلاقة الزوجية
تعريفه:
لغة هو : التخلية والإرسال.
واصطلاحاً: حل إتفاق مكتوب النكاح أو بعضه.
حكم فسخ العلاقة الزوجية:
والطلاق محتمل بالكتاب والسنة والإجماع لدى الاحتياج إليه.
فمن الكتاب تصريحه هلم: {فسخ العلاقة الزوجية إثنان من المرات فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } [البقرة: 229].
ومن السنة: (خسر طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة ثم راجعها ) رواه بن ماجه، وصححه الإلباني.
وأما الإجماع: ولقد اتفقت كلمة العلماء على مشرعيته من غير نكير.
يتفاوت حكمه من واحد لآخر:
1. فالأصل فيه البغض والكره سوى لدى الاحتياج إليه، لأن أبغض المباح لدى الله فسخ العلاقة الزوجية.
2. ويباح للحاجة كسوء خلق المرأة، وحصول الضرر بمعاشرتها.
3. ويستحب للضرر، كأن تتضرر المرأة باستدامة النكاح فيستحب لإزالة الضرر عنها.
4. ويجب للإيلاء.
5. ويحجب لو كان طلاقاً بدعياً، كأن يطلقها في مرحلة الحيض فهو محرم.
حكمة شرعية فسخ العلاقة الزوجية:
شرع فسخ العلاقة الزوجية في ظرف مخصوصة للتخلص من المكاره الدينية والدنيوية، ولذا لأن فسخ العلاقة الزوجية أبغض الشرعي إلى الله سبحانه وتعالى. لم يشرع سوى في موقف الأهمية والعجز عن معيشة المصالح بينهما لتباين الأخلاق وتنافر الطبائع، أو لضرر يترتب على استبقائها في عصمته، بأن دراية أن المقام بصحبتها تبرير فساد دينه ودنياه، فتكون المنفعة في فسخ العلاقة الزوجية واستيفاء غايات النكاح من امرأة أخرى.
وكما يكون فسخ العلاقة الزوجية للتخلص من المكاره يكون أيضاً فقط لأجل تأديب القرينة إذا استعصت على القرين وأخلت بحقوق الزوجية، وتعاون فسخ العلاقة الزوجية علاجاً لها، فإذا أوقع فوق منها فسخ العلاقة الزوجية الرجعي، وذاقت وجع الفرقة، فالظاهر أنها تتأدب وتتوب وترجع إلى الاستحسان والصلاح.
شرعية إيقاع فسخ العلاقة الزوجية على فترات :
فسخ العلاقة الزوجية لا يصار إليه سوى إذا فات الإمساك بالمعروف وساءت العشرة بين الزوجين فيطلقها وفي غالب ظنه أنه المنفعة، لكنه من الممكن أن يكون مخطئا في ذلك التوهم لأنه يكون لم يتمعن حق التأمل، ولم ينظر في العاقبة حق البصر، مثلما لو كان في موقف حنق وانفعال فإنها ليست وضعية تطمح، فشرع إيقاعه على فترات لإمكان التدارك ورفع الخطأ مع إرجاع التأمل والبصر، فإذا تطمح ثانيا وتبين أن الهيئة في فسخ العلاقة الزوجية أعاد الكرة ثانيا وبالتالي ثالثا، وهو بين كل طلقة وأخرى يختبر هل يستطيع الجلَد عنها إذا بتَّ إنفصالها بالطلاق، وهل تتوب وترجع إلى الصلاح إذا ذاقت مرارة الفراق أم لا؟ أما إن لم يشرع سوى مرة واحدة خسر يندم على فراقها ولا يمكن له التدارك، وقد لا يطيق فراقها والجلَد عنها فيقع في السفاح.
وبالجملة فإن فسخ العلاقة الزوجية لا يصار إليه سوى عقب إفراغ الشغل باستخدام جميع الوسائط الممكنة في ترقية الشقاق وإزالة الموانع والتلفيات، لأن النكاح نعمة جليلة يلزم أن يُحَاَفَظ فوق منها ما أمكن.
حكمة النهي عن طلاق الحائض:
السنة عدم فسخ العلاقة الزوجية في حال الحيض لأن فيه تطويل العدة على المرأة، إذ إن مرحلة الحيض لا تحسب من العدة، فتطول العدة فوقها وفي هذا إضرار بها، ولأن فسخ العلاقة الزوجية للحاجة فيسن أن يكون فسخ العلاقة الزوجية في زمان كمال الرغبة، أما زمان الحيض فيعتبر زمان النفرة، فيكون الاقدام فوق منه بوقت الحيض ليس دليلاً على الاحتياج إلى فسخ العلاقة الزوجية.
حكمة شرعية فسخ العلاقة الزوجية في الطهر الخالي من الوطء:
شرع فسخ العلاقة الزوجية في الطهر لأنه وقت كمال الرغبة والتأهب إلى المرأة، فإيقاع فسخ العلاقة الزوجية في ذاك الزمن لا يكون بنفوذ الأسباب النفسية، لكن يغلب أن يكون الباعث فوقه أمراً شرعياً وهيئة حقيقة حملته على قطع العلاقة وفك الارتباط، فيطلب كل منهما ما يصلح له ويلائمه في الأخلاق والطبائع. وأما عدم الوطء فيه فلأن قضاء الشهوة الأمر الذي ينقص الرغبة فيها، ولأن المرأة قد جلَد منه، فيقع في الندم لأنه لم يحسن الخلوص منها لما دافع له ذلك الحمل من الأوجاع والمشاغل.
ألفاظ فسخ العلاقة الزوجية:
وهي نوعان:
1. ألفاظ صريحة في فسخ العلاقة الزوجية، يحدث فسخ العلاقة الزوجية بها فورا بلا الاحتياج إلى نية.
مثل: أنت طالق، مطلقة، طلقتك ونحو هذا.
2. ألفاظ كناية فسخ العلاقة الزوجية:
وهي نوعان: كناية ظاهرة، وكناية خفية. ولكل منها محددات وقواعد وأحكام، فمنها لو أفاد: اخرجي واذهبي لأهلك، وحللت للأزواج، وغطي شعرك، وتستري مني، ونحو هذا لا بد فيها من نية فسخ العلاقة الزوجية.
طلاق السنة :
والسنة في فسخ العلاقة الزوجية أن يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه. لتصريحه هلم: {فطلقوهن لعدتهن } [الطلاق:1].
طلاق البدعة:
وهو طلاق محرم ويقع على القول الراجح.بدليل تصريحه عليه الصلاة والسلام لعمر في شأن أبنه: (مُـرْه فليراجعها ) متفق فوقه، فلو لم يحدث لم يكن ثّمة احتياج للمراجعة.
وهو أشكال:
1. من طلاق البدعة أن يطلقها ثلاثاً وذلك محرم، والسنة أن يطلقها طلقة واحدة، لأن المقصود فرد، ولا يعرف لعل الله ينشأ في أعقاب هذا أمراً.
2. من المحرم أن يطلقها في مرحلة الحيض.
3. ومن المحرم أن يطلقها في طهر جامعها فيه.
باب الرجعة
وهي إسترداد القرينة المطلقة إلى ما كانت فوقه بغير إتفاق مكتوب.
ولا تتطلب الرجعة إلى ولي ولا مهر ولا إشهاد، ولا موافقة المرأة ولا علمها بالرجعة.
ويشترط لها:
1. أن يكون فسخ العلاقة الزوجية غير بائن، فلا رجعة في فسخ العلاقة الزوجية البائن.
2. أن تكون المرأة في زمن العدة فيحق له إعادة النظر فيها فيها، فإذا انقضت العدة فهي بائن بينونة صغرى، لا تحل له سوى بنكاح مودرن. والمرأة المطلقة طلقة واحدة أو اثنتين لا تطلع من منزلها، وفوق منها أن تتزين لزوجها وتخرج في مواجهته لعله يراجعها.
ويجوز له البصر لها في مدة العدة.فإذا جامعها اعتبرت تلك المجامعة رجعة وإرجاع للنكاح على شأنه.
حكمة شرعية الرجعة:
شرعت الرجعة تحقيقاً لمعنى التدارك ودفعاً لما يتنبأ من البينونة التي رصد العدة، لأن الإنسان قد يطلق امرأته فقط لأجل التأديب أو على توهم أنه الهيئة ثم يندم، ولذا ما لفت إليه كلامه إيتي: {لا تدري لعل الله ينشأ في أعقاب هذا أمراً } [الطلاق:1].
فيحتاج إلى التدارك، فلو لم تشرع الرجعة لا يستطيع التدارك لأنه قد لا توافقه على تحديث النكاح، ولا يمكن له الجلَد عنها فيقع في الندم.
Originally posted 2021-11-27 18:59:32.