تفاصيل شرعية بخصوص امتياز الإجراء والعمال في القانون السوري.
يقوم امتياز الإجراء أو العمال على اعتبارات إنسانية صرفة , حيث أن العامل , وهو الطرف الواهن في علاقة المجهود التي تربطه برب الجهد , يحتاج لأجره الذي هو عادةًً منشأ عيشه المنفرد .
ويضمن الامتياز غالباً مبالغ عددها قليل لا يدع تأثيرا استيفاؤها بالتقدم كثيراً على حقوق بقية دائني رب المجهود .
فلقد راعى المشرع السوري حق العامل في استيفاء أجره وأقر له حق امتياز الإجراء منذ الافتتاح حين بدأ بإصدار التشريعات الاجتماعية المتنوعة .
ولعل النزعات الاشتراكية التي ظهرت في الكوكب وتأثر بها القانون السوري شاركت إلى حد بعيد في تأمين حقوق العمال , ومنها تنفيذ المشرع السوري بهذه الدفاع في متفاوت التشريعات التي عرَضها بما يختص الجهد والعمال .
صور امتياز الأجراء قي التشريع السوري
أولاً-امتياز الأجراء في القانون المدني :
تنص المادة 1120 / 1 / أعلى أن :
« المبالغ المستحقة للخدم و الكتبة و العمال و كل أجير أجدد ، من أجرهم و رواتبهم من أي منظومة كان عن الستة أشهر الأخيرة ، يكون لها امتياز على جميع مبالغ مادية المدين من منقول و عقار » .
ـ من هم الأفراد المضمونة ديونهم بهذا الامتياز ( امتياز الأجراء ) في القانون المدني ؟و ما هي الديون التي يضمنها ذلك الامتياز في ذاك القانون ؟ …
ـ الشخصيات المضمونة ديونهم بالامتياز :
وسع القانون المدني نطاق الامتياز من حيث الأشخاص الذين يفيدون منه ، فقرر اعتباره شاملاً كل أجير .
و لعل المشرع قد استهدى في ذلك بالحكمة التي دعت إلى تقرير الامتياز ، ذلك لأن العامل
لا يطيق الراحة والسكون في استيفاء حقه بالأجر ، كما أنه لا يطيق عند إعسـار المدين ( صاحب الشغل ) فقدان جزء منه نتيجة مزاحمة الدائنين الآخرين له .
و على ذلك الأساس ، يستفيد من هذا الامتياز كل من يؤجر خدماته للغير ، بصرف النظر عن منظومة عمله و طبيعته ، فيستوي في هذا أن يؤجر الفرد خدماته في المنزل أو خارجه ، و سواء أكانت هذه الوظيفة الخدمية تتعلق بأعمال زراعية أم تجارية أم صناعية .
فيصدق نعت وصور الأجير على الخدم في البيوت و الفنادق و مربية الأطفال و الطاهي و الحارس و سائق السيارة ، و البواب ، و عامل الحديقة ، و راعي الماشية ، و عمال الأعمال التجارية الزراعية و الصناعية ، و المستخدمين في المحلات التجارية ، و النجم التجاري ، و كتاب المحامين ، و الآذن … و غير هؤلاء ممن يقدمون عملهم .
ـ الديون التي يضمنها الامتياز :
يوثق الامتياز الأجر الذي يستحقه الأجير عن عمله .
و لا اعتبار لطبيعة الأجر ، خسر يكون مقابلاً عينياً أو نقدياً .
كما أنه لا اعتبار لأساس تقديره ، انهزم تكون الوحدة الزمنية لاستحقاقه السنة أو الشهر أو الأسبوع أو اليوم أو الساعة ، و ربما أن يكون أساس تقديره مقدار الإنتاج .
و يدخل في الأجر علاوة غلاء المعيشة و التعويضات العائلية ، و الامتيازات المادية ، و بشكل عام كل ما يتقاضاه الأجير باعتباره جزءاً من الأجرة .
و قد لا يتقاضى العامل أجراً مباشراً ، كما في الفنادق و المطاعم و المقاهي , و إنما يتقاضى هبات من الزبائن تعطى باسم بقشيش ، و عندئذٍ يدخل ذاك المقابل في محيط الدين الممتاز .
و لا يصون الامتياز في مفهوم التشريع المدني ما عدا الأجر من الديون :
فهو لا يكفل مبلغ إدخار الحراسة الذي يدفعه الأجير عند التحاقه بالعمل ، و لا المبالغ التي يقرضها الأجير لصاحب العمـل ،
و لا المبالغ التي يستحقها على سـبيل والعوض إذا فصل لسبب تعسفي ، و لا المبالغ المعطاة له كهبة .
على أن الامتياز وفقاً للمادة 1120 / 1 / أ ، لا يوثق كل الأجور المستحقة للأجير ، و إنما يوثق ليس سوى ما يستحقه عن الأشهر الستة الأخيرة من خدمته .
و حق الأجير يسقط بمضي سنة على تاريخ استحقاقه إذا حلف المدين في مقابلة القاضي أنه أداه . ( م 375 ق.م ) .
ثانياً- امتياز الأجراء في قانون العمل الزراعي :
تنص المادة 98 من تشريع الشغل الزراعي رقم 134 لعام 1958 على ما يلي :
« أ ـ ديون جميع العمال على أرباب عملهم الناشئة عن أجورهم المستحقة عن السنة الأخيرة هي ديون رائعة من الدرجة الأولى ، و لها حق الامتياز في متنوع أموال رب المجهود ، المحمولة و غير المحمولة ، قبل كافة الديون الأخرى .
ب ـ و في حال عرَض ونشر وتعميم إفلاس رب العمل ، أو شهر إعساره ، تسـجل هذه الديون كديون رائعة ، على أن تدفع معجلاً حصة منها تعادل أجور شهر مستحق الأداء لكل عامل قبل كل نفقة أخرى بما فيها الرسوم القضائية .
ج ـو يمنح الامتياز نفسه للديون الناشئة عن تعويضات التسريح » .
و تنص المادة 173 / 7 / هـ من هذا القانون ( و المعدلة عام 1963 ) على مرجعية أنه :
« لا يعتد بكل إبراء أو تنازل عن تعويضات الفسخ ـ مَهما كان سببها و نوعها ـ ما دام إتفاق مكتوب المزارعة قائماً بين الطرفين .
و لهذه التعويضات امتياز على عين العقار وغلته ، يلي الامتياز المقرر قانوناً للمصروفات القضائية و المبالغ المستحقة للخزانة العامة » .
ـ نقاط ( نقطة ) التقاء قانون الشغل الزراعي مع التشريع المدني في صدد امتياز الأجراء :
ملحوظ من نص المادة 98 من دستور المجهود الزراعي أن ذلك التشريع يلتقي مع القانون المدني في اعتبار امتياز أجر العامل الزراعي امتيازاً عاماً يرد على جميع أموال صاحب العمل منمنقول وعقار .
ـ نقاط افتراق تشريع العمل الزراعي عن القانون المدني في صدد امتياز الأجراء :
يفترق قانون العمل الزراعي عن الدستور المدني في صدد هذا الامتياز في الموضوعات الآتية :
1 ) ـ إن قانون الشغل الزراعي يبوئ امتياز أجر العامل المرتبة الأولى ، بعد أن كان يشغل المكانة الرابعة بموجب المادة 1120 ق.م .
2 ) ـكان امتياز دين العامل الزراعي في القانون المدني يكتفي بتوثيق أجر العامل .
أما قانون الجهد الزراعي خسر كلف كذلكًً بمنح الامتياز نفسه للديون الناشئة عن تعويضات التسريح ، و قام بتكليف ايضاًً بمنح امتياز خاص على عين عقار صاحب العمل و غلته لتوثيق تعويضات الفسخ ، مهما يكن نوعها ، و ذاك بموجب المادة 173 / 7 / هـ من هذا التشريع …
و يلاحظ أن دستور الجهد الزراعي قد أوقع ذاك الامتياز الخاص على عين عقار رب الجهد و غلته ، و مع ذلك فقد كلف بتخويله المرتبة الثالثة ، و نرى أن المنزلة الثالثة هنا يجب أن إجراء إلى غلة العقار في الأوضاع التي تكون فيها منقولاً ، أما ممكانة الامتياز حينما يصدر على عقار فهي تحدد بتاريخ تسجيله في السجل العقاري .
3 ) ـكان امتياز أجر العامل الزراعي في القانون المدني مقصوراً من حيث المدة على أجر العامل المستحق عن الأشهر الستة الأخيرة .
أما قانون العمل الزراعي خسر بسط ذاك الامتياز على أجر العامل المستحق عن السنة الأخيرة جميعها .
الامتياز الفوقي لأجر العامل الزراعي :
قلنا أن امتياز أجر العامل الزراعي يأتي في الرتبة الأولى ، أي في ممكانة امتياز المصروفات القضائية .
و نشير هنا على أن ثمة شطراً من أجر العامل الزراعي يحظى ـ في وضعية إفلاس رب العمل أو إعساره ـ بشأن خاص يرفعه إلى ما فوق المركز الأول ، و يستوجب دفعه قبل أي حق آخر بما فيه النفقات القضائية .
و لذلك دعونا امتياز ذاك الشطر بالامتياز الفوقي لأجر العامل الزراعي .
و بذلك تقضي المادة 98 / ب من قانون الجهد الزراعي ، إذ تقول :
« في حال إخطار علني إفلاس رب العمل أو شهر إعساره تسجل هذه الديون ( ديون العامل ) كديون فاخرة ، على أن تدفع معجلاً حصة منها تعادل أجور شهر مستحق الأداء لكل عامل ، قبل كل نفقة أخرى ، بما فيها الرسوم القضائية » .
وينبني ذاك الامتياز الفوقي الذي يستند على أعمال موجزة على اعتبارات إنسانية ، هذا لأنه يوثق من الأجر ما يكفل معيشة معيشة العامل الزراعي .
أما الغاية منه فهو تحاشي بطء ممارسات الإفلاس أو شهر الإعسار ، و ترحيل أجر العامل عن مخاطرة مزاحمة بقية الديون الممتازة .
إذاً : المقصود بالامتياز الفوقي لأجر العامل الزراعي ، هو أن تدفع معجلاً حصة من دين العامل على صاحب الجهد ، بحيث تعادل هذه الحصة أجرة شهر مستحق الأداء ، و ذلك قبل كل نفقة أخرى بما فيها الرسوم القضائية ، و ذلك في حال تصريح علني إفلاس صاحب المجهود أو شهر إعساره .
ثالثاً- امتياز الأجراء في قانون العمل المشترَك :
تنص المادة 8 من دستور الجهد الموحد الصادر بالقانون رقم 91 لعام 1959 على ما يلي :
« يكون للمبالغ المستحقة للعامل أو لمن يستحقون عنه ، بمقتضى أحكام ذاك القانون ، امتياز على جميع أموال المدين من منقول و عقار ، و تستوفى لحظيا في أعقاب المصروفات القضائية ، و المبالغ المستحقة للخزانة العامة ، و مصروفات الحفظ و الترميم ».
لقاء بين الدستور المدني و قانون الشغل الموحد من حيث امتياز الأجراء :
يلتقي امتياز الأجراء في تشريع العمل الموحد مع امتياز الأجراء في القانون المدني من حيث وعاؤه و رتبته :
أ ـ فمن حيث وعاؤه : هو امتياز عام يثقل جميع مبالغ مادية رب الشغل القابلة للحمل وغير المحمولة .
ب ـ و من حيث المرتبة : يحتل الرتبة الرابعة في أعقاب امتياز النفقات القضائية ، و ديون البلد و مصروفات الحفظ و الترميم .
إلا أن امتياز الأجراء في تشريع العمل المشترَك يختلف عن مقابله في الدستور المدني من حيث الشخصيات المستفيدون من الامتياز ، و من حيث الديون المضمونة بالامتياز :
أ ) ـ فمن حيث مدى الأفراد المستفيدين من الامتياز : عمد قانون العمل المتحد إلى التضييق منه ، و ذلك باستثناء خدم المنازل و العمال الزراعيين من الإفادة من أحكامه .
ويلاحظ أن تأدية تشريع الجهد المشترَك قد أفضى إلى تضييق هائل على حقوق خدم المنازل ، فبعد أن كان هؤلاء يتمتعون بامتياز أجود من ســائر العمال في وجود تشريع الجهد رقم 279 لعام 1946 ، جراء أنّ امتيازهم لم يكن يقتصر على توثيق الأشهر الستة الأخيرة ليس سوى ، بل كان ينبسط في ضمانه على أجورهم المستحقة عن السنة السابقة و ما خرج من من السنة الحالية …
حتى حالا ذلك ، انعكس الموضوع بإلغاء تشريع الشغل رقم 279 ، و في الغد خدم المنازل في مركز أدنى من سائر العمال عقب تطبيق قانون الشغل المتحد ، و ذلك لأنهم استثنوا من ذلك القانون ، و أخضعوا لأحكام القانون المدني ، و بذلك أصبح امتيازهم يقتصر على توثيق أجورهم ، دون غيرها من التعويضات ، لكمية ستة أشهر ليس سوى , عملاً بالمادة 1120 من القانون المدني .
كما يلاحظ أن استثناء العمال الزراعيين من أحكام قانون العمل المشترَك وجّه طبيعي ، بعد أن أوجد المشرع لهم قانوناً خاصاً يستظلون بحمايته ، هو تشريع الجهد الزراعي …
ويلاحظ أن هؤلاء العمال يخضعون لقانون المجهود الموحد ، باعتباره قانوناًعاماً ، إذا لم يرد نص خاص في دستور المجهود الزراعي .
إذاً : عمد قانون الشغل المتحد رقم 91 لعام 1959 ( الذي حل حانوت دستور المجهود رقم 279 لعام 1946 ) إلى التضييق من مجال الأشخاص المستفيدين من امتياز الأجراء ، و ذلك باستثناء خدم المنازل والعمال الزراعيين من الإفادة من أحكامه :
خدم المنازل يخضعون للقانون المدني .
والعمال الزراعيون يخضعون لقانون الجهد الزراعي .
ب ) ـ أما من حيث الديون المضمونة بالامتياز : فقد عمد تشريع العمل الموحد إلى التوسيع فيها ، فغدت تحتوي على ما يستحقه العامل بموجب هذا الدستور ، سواء أتعلق :
بالأجرة ، أم بمكافأة نهاية الشغل الخدمية ، أم بمكافأة العامل عند وفاته .
يضاف إلى ذلك أن الامتياز لم يحتسب مقصوراً على الديون المستحقة أثناء الأشهر الستة الأخيرة لاغير ، إلا أن يوم غد ينبسط على جميع استحقاقات العامل من غير تحديد لحجم معينة ، ما دام حق المطالبة لم يسقط بالتقادم .
رابعاً- امتياز الأجراء في قانون التأمينات الاجتماعية :
نصت المادة 105 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 على خلفية أنه :
« يكون للمبالغ المستحقة للمؤسسة بمقتضى أحكام ذاك القانون امتياز على جميع نقود المدين من منقول وعقار ، وتستوفى مباشرة في أعقاب المصاريف القضائية » .
يعني ذاك الامتياز إلى ضمان ديون مؤسسة التأمينات الاجتماعية تجاه أرباب المجهود بكيفية مباشر , لكن الهدف النهائي من تقرير هذا الامتياز ليس سوى ضمان حقوق العمال أنفسهم , حيث أن عمل المؤسسة بحد ذاته يعد ضماناً وتوفير حماية لحقوق هؤلاء.
وقد قضت المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية بعدم انسياب أحكامه على كل من خدم المنازل ، و من هم في حكمهم ، والعمال الذين يستخدمون للعمل في الزراعة .
[ ملاحظة : هذا الامتياز من الرتبة الثانية ، و قد ذكرناه ضمن امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة , لأن مؤسسة التأمينات الاجتماعية مؤسسة عامة ] .
وإذا ما قارنا بين الشأن الفائت من تشريع التأمينات الاجتماعية ونص المادة 1120 من القانون المدني , نجد أن النصين يلتقيان من حيث اعتبارهما الامتياز امتيازاً عاماً يرد على جميع مبلغ مالي المدين (صاحب العمل ) المحمولة وغير المنقولة .
إلا أن يتفاوت النصان في نقاط متعددة أهمها :
1- في تشريع التأمينات الاجتماعية تم التضييق من فئة العمال المستفيدين من هذا القانون , انهزم استثنى من ميدان أحكامه كل من خدم المنازل وحراس الأبنية والعمال الزراعيين . بينما في القانون المدني فهم يستفيدون منامتياز الأجراء .
2- في تشريع التأمينات الاجتماعية عطاء الامتياز المركز الثاني حتى حاليا امتياز المصروفات القضائية .
في حين في القانون المدني فإن امتياز الأجراء يحتل المكانة الرابعة عقب المصاريف القضائية وديون البلد ومصروفات الحفظ والترميم.
Originally posted 2021-10-22 21:25:57.