شرح كامل لنظام تعدد الزوجات في الشرع والقانون الوضعي 2022

شرح كامل لنظام تعدد الزوجات في الشرع والقانون الوضعي 2022

نسق تعدد الزوجات في الفقه والقانون

نهج تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي هو نهج يبيح للرجل أن يجمع في عصمته بوقت شخص أربع زوجات فأقل ، وبصفة عامة فإن تعدد الزوجات معلوم منذ القدم ، خسر عدد سيدنا إبراهيم عليه أفضل السلام زوجاته مثلما عدد أزواجه جميع من سيدنا يعقوب وداود وسليمان وآخرين , فضلا على ذلك أن الديانة اليهودية عرفت نهج تعدد الزوجات ،

و قد كان العرب قبل الإسلام يعددون زوجاتهم بغير حاجز , وحينما أتى الإسلام أباح تعدد الزوجات وقيده بحدود وبقيود محددة , وبيان نسق تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي يتجلى لنا بواسطة النقط الآتية :

أولا :- حكم تعدد الزوجات ودليله في الفقه الإسلامي

إن حكم تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي ليس هو الوجوب أو الاستحباب أو الحرمة أو البغض والكره ، وإنما هو الإباحة ، بما يتضمن أن تعدد الزوجات لا يثاب الإنسان على فعله ولا يذم على تركه .

فقد استدل على إباحة تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي بأدلة ، منها قول الله تبارك وتعالى ” فانكحوا ما طاب لكم من الإناث مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم هذا أسفل ألا تعولوا ” سورة الإناث الآية (3) .

ثانيا : حواجز وقيود تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي :

لو أنه الفقه الإسلامي قد أباح تعدد الزوجات فيما يتعلق للرجل ، سوى أنه نظمه ووضع له حدودا وقيودا حتى يصبح خيرا وضمانا للعائلة وتوفير حماية للأخلاق بالمجتمع ، من يتجاوز تلك الأطراف الحدودية والقيود خسر أثم وهي :

1- أن يكون التعدد في حواجز أربع : يحظر على الرجل أن يجمع في عصمته زيادة عن أربع زوجات .
2- الإنصاف بين الزوجات : لو كان الفقه الإسلامي قد أباح تعدد الزوجات على النحو المنصرم ، سوى أنه قيده بوجوب الإنصاف بين الزوجات .

3- التمكن من القيام بواجبات التعدد : ويراد بها مقدرة الرجل الذي يرغب أن يعدد زوجاته على القيام بالواجبات الزوجية للزوجات جميعهن ، ومنها التمكن من الإنفاق عليهن معا كنفقة المأكل والمشرب والملبس والسكن وما إلى هذا .

ثالثا : الانقضاض على منظومة تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي :

تعرض منظومة تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي للهجوم فوق منه ، ولذا الانقضاض ليس بجديد وإنما قاده قليل من الغربيين الذين لا يدينون بالإسلام وانساق ورائهم قليل من المسلمين الذين يعتبرون – للأسف – عبيدا لأفكار الغربيين ، ومما قيل في ذاك الأمر ما يلي :

1- إن نسق تعدد الزوجات دافع من عوامل تقويض وانهدام العائلة لأنه يولد الشحناء بين الزوجات ويورث البغضاء بين الأولاد في نطاق العائلة .

2- إن نهج تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي فيه ظلما للمرأة وهضما لحقوقها , لأنه يكون السبب في إباحة زواج الرجل بامرأة أخرى تكون مع الأولى من دون إستحسانها وتشاركها قرينها .

الاستجابة إلى ذلك الانقضاض :

يمكن الاستجابة إلى من هاجم نسق تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي ما يلي :
1- الناظر في الآيات التي نظمت تعدد الزوجات يجدها لم توجبه على أن يكون لازما لجميع واحد ، مثلما لم تبحه إباحة مطلقة لكن مسجلة , وتلك الآيات لم تأت بإباحة كلف غير متواجد وإنما أتت لتقييد تعدد الزوجات الذي كان موجودا بصورة تبلغ إلى حاجز الوضع الحرج ولرفع البغي الواقع على المرأة .
2- القول بأن تعدد الزوجات يكون السبب في بغي المرأة وينقص من مستحقاتها وأن المطالبة بإلغائه قسم من حقوق المرأة ، يمكن الرد أعلاه بالقول بأن المرأة هي ما رضي التعدد وهي ما تصنعه بقبولها الزواج من رجل متزوج ، فالإسلام لا يجبر أي امرأة على رضى الزواج من رجل متزوج ، إلا أن لها مطلق الحرية في الرضى أو الرفض .

3- وحط الشارع للمرأة أداة تحافظ عليها الأمر الذي قد يرتبه التعدد لها من ضيق فأباح لها أن تشترط في إتفاق مكتوب زواجها ألا يتزوج فوقها قرينها ، فيكون لها بموجب ذلك الشرط إذا ما تزوج أعلاها قرينها أن تطلب فسخ قسيمة الزواج ، لأن القرين قد أخل شريطة من شروطه .

4- ليس بصحيح أن تعدد الزوجات يتسبب في الشقاق والصراع بين أشخاص العائلة ، لأن الشأن يعتمد على حزم القرين وعدله ومراقبته لشخصيات عائلته .

5- إن التشريعات والأمم التي منعت تعدد الزوجات لم تقفل الباب في مواجهة تعدد الخليلات لكن ساعدت فوقه وعلى البغاء والفجور وعلى كثرة الأبناء غير الشرعيين .

6- بالإضافة إلى ما تمنح ما نقله قليل من الكتاب المسلمون من أقوال لبعض الفلاسفة والكتاب في البلاد الغربية ، عن إباحة تعدد الزوجات وأهدافه في الإسلام ، وتمنوا أن تعرف بلادهم مثل ذاك التعدد الشرعي مقابل تعدد الخليلات المعلوم في بلادهم .

يقول واحد من هؤلاء الفلاسفة ( جوستاف لوبون ) : إن تعدد الزوجات المشروع لدى الشرقيين أسمى من عدم تعدد الزوجات الريائي لدى الأوروبيين وما يليه من موائم أبناء غير شرعيين .

( ظرف قوانين الأوضاع الشخصية من تعدد الزوجات )

لو أنه الفقه الإسلامي قد أباح تعدد الزوجات بالحدود والقيود المنصرم تصريحها ، لكن قوانين الظروف الشخصية في البلاد الإسلامية والعربية قد اتجهت اتجاهات مغايرة من نمط تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي ، فبعضها تجريم تعدد الزوجات والبعض قيده بقيود والبعض الأخر لم يمنعه ولم يقيده وإنما جعله مثلما جاء به الفقه الإسلامي ، ويعود اختلاف تلك الاتجاهات إلى عديدة شؤون منها الحملات الهجومية الغربية على نمط تعدد الزوجات الماضي المغزى إليها وتبني القلائل من البلاد الإسلامية والعربية لها ، علاوة على ذاك تبني الحركات والتنظيمات النسائية والتي تزايدت ونشطت في تلك البلاد لهذه الحملات الهجومية على منظومة تعدد الزوجات .

ومن البلاد التي تدخلت بنص شرعي ومنعت تعدد الزوجات فيها تونس ، ولقد تحريم الدستور التونسي تعدد الزوجات بشكل حاسم ، ولا يمكن للرجل في تونس أن يعدد زوجاته ، وتكليف الدستور على من يخالف ذلك التجريم إجراء تأديبي السجن والغرامة أو إحداهما إضافة إلى فساد تم عقده زواج المرأة الثانية ، ولا يوجد شك أن في ذلك التحريم مخالفة لإباحة تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي ، وتجاهلا للحكمة التي من أجلها شرع الإسلام ذاك الإطار ، ولا ريب أنه تجاهل غير محمود .

ومن البلاد التي قيدته وجعلته بيد القاضي الدستور العراقي ، فلا يجوز تعدد الزوجات في جمهورية دولة العراق سوى بأذن من القاضي ، وذلك الوجهة وأن أيده القلائل ، فإن القلة الأخر لم يؤيده بذريعة أنه قد يكون سببا في صرح أسرار المنازل أو الأسر ولقد يكون بالمرأة مرض أو قضى من الأشياء التي تحجب من الاختلاط بها والسابق الدلالة إليها و بالنظر للحرج والعنت الذي يصيب القرين من بسبب ذاك خسر يضطر القرين إلى أعلن ذاك السر والذي قد يكون السبب في الحرج بالمرأة لأجل أن يكتسب أذن القاضي بالتعدد .

ومن البلاد التي لم تمنعه ولم تقيده وإنما جعلته مثلما جاء به الفقه الإسلامي لبنان ، فيما يتعلق لطائفتي أهل السنة والشيعة الجعفرية ، إذ ترك نهج تعدد الزوجات فيما يتعلق لطائفة أهل السنة إلى مذهب الحنفي وفيما يتعلق لطائفة الشيعة الجعفرية إلى المذهب الجعفري ، أما فيما يتعلق للطائفة الدرزية خسر حظر دستور الأوضاع الشخصية للطائفة الدرزية تعدد الزوجات في المادة العاشرة والتي منصوص بها على أنه ” محروم تعدد الزوجات فلا يجوز للرجل أن يؤلف بين زوجتين وإن تصرف فزواجه من الثانية باطل ” .

أما في جمهورية مصر العربية ولقد جرت متعددة تجارب لتقييد تعدد الزوجات بالقضاء ويعود ذاك التقييد إلى الاستدعاء التي أطلقها فضيلة الشيخ محمد عبده ، واقترح فيها على السُّلطة وقتذاك أن تحط نظاما تشرف به على تعدد الزوجات حتى لا يمنح أعلاه من ليس له استطاعة ، وقد استغل القلائل تلك طلب الحضور بكيفية أو أخرى فوضعوا في سنة 1926م ، إفتراضات تحتوي تقييد تعدد الزوجات تقييدا قضائيا فضلا على ذلك قيدي الإنصاف بين الزوجات والقدرة على الإنفاق ، لتضاف تلك الافتراضات إلى تشريع الأوضاع الشخصية ، غير أن عورضت تلك الافتراضات من رجال الفقه ورأى أولي الشأن التحور عن ذاك ، وظل المسألة ايضا حينما صدر التشريع رقم 25 لعام 1929م إذ حرص رجال الفقه وأولي الموضوع إلى أن ينشأ ذلك الدستور خاليا من الافتراضات المخصصة بتقييد تعدد الزوجات .

وقد تعددت تلك المساعي عقب هذا أكثر من مرة إلا أنها في جميع مرة تخمد ، وظل الشأن على ذلك الشأن حتى أواخر السبعينات من القرن السابق إذ تم فتح الشأن مرة ثانية مجددا ودار جدال شديد وعنيف بشأن منظومة تعدد الزوجات ، وانتهى بإصدار الدستور رقم 44 لعام 1979م بتنقيح قليل من أحكام تشريع الأوضاع الشخصية ، وقد تصون ذاك التطوير إضافة مادة سادسة متكررة إلى التشريع رقم 25 لعام 1929م .

ونص تلك المادة هو ” على القرين أن يتيح للموثق إقرارا كتابيا يحتوي حاله الاجتماعي ، فإن كان متزوجا فعليه أن يبين في الإعتماد أسم القرينة أو الزوجات اللاتي في عصمته وقت الاتفاق المكتوب الجديد ومحال إقامتهن ، وعلى المعتمد إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب موصى أعلاه .

ويحتسب إضرارا بالزوجة اقتران قرينها بأخرى بغير قبولها , ولو لم تكن قد اشترطت أعلاه في إتفاق مكتوب زواجها عدم الزواج فوق منها , وايضا تخبئة القرين على قرينته القريبة العهد أنه متزوج بسواها .

ويسقط حق القرينة في إلتماس التمييز بمضي سنة من تاريخ علمها بقيام المبرر الجيد والمحفز للضرر ما لم تكن قد قبِلت بذاك صراحة أو ضمنا ” .

معنى هذا أن ذلك الدستور لا يبقي على تعدد الزوجات سوى برضاء الزوجات أنفسهن بذلك التعدد , فإن رضين به فبها ، وإلا فلا , وبهذا يكون ذلك الدستور قد أكمل قيدا جديدا إلى القيود التي جاء بها الشرع والسابق إخطارها .

وبعد إنتاج ذلك الدستور واصل عدد محدود من العلماء يطالبون بإلغاء هذه القيود لمخالفتها للنصوص القانونية على أن صدر حكم كرسي القضاء الدستوري العليا في 4/5/1985م ، بعدم دستورية الدستور رقم 44 لعام 1979م ، وبعد هذا نشر المشرع التشريع رقم 100لسنة 1985م ، بتغيير عدد محدود من أحكام قوانين الظروف الشخصية ، ليحل حانوت التشريع الذي حكم بعدم دستورية ، وقد استكمل ذاك الدستور المادة 11 مجددا إلى التشريع رقم 25لسنة 1929م .

ونص تلك المادة هو ” على القرين أن يوافق على في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية ، فإن كان متزوجا فعليه أن يبين في الموافقة اسم القرينة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن ، وعلى المعتمد إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول .

ويجوز للزوجة التي تزوج أعلاها قرينها أن تطلب فسخ العلاقة الزوجية منه إذا لحقها ضرر جوهري أو معنوي يتعذر بصحبته إستمرار العشرة بين أمثالها ، ولو لم تكن قد اشترطت فوقه في الاتفاق المكتوب ألا يتزوج أعلاها .

فإذا عجز القاضي عن الصيانة بينهما طلقها فوق منه طلقة بائنة ، ويسقط حق القرينة في مناشدة التطليق لذا الدافع بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى ، سوى إذا كانت قد وافقت بهذا صراحة أو ضمنا ، ويتجدد حقها في إلتماس التطليق متى ما تزوج بأخرى .

وإذا كانت القرينة العصرية لم تعلم أنه متزوج بسواها ثم إتضح أنه متزوج فلها أن تطلب التطليق أيضا ” .

فهذا الدستور ايضا أوجب على القرين أن يوافق على في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية ، ولو أنه متزوجا فعليه أن يبين زوجاته اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن ، وعلى المعتمد إخطارهن بذاك الزواج , مثلما أن ذاك الدستور أجاز للزوجة التي تزوج أعلاها قرينها الحق في مناشدة فسخ العلاقة الزوجية منه إذا لحقها ضرر جوهري أو معنوي نتيجة لـ التعدد يتعذر بصحبته إستمرارية العشرة بين أمثالها ، حتى ولو تكن قد اشترطت فوق منه في إتفاق مكتوب زواجها ألا يتزوج فوق منها

وعلى القاضي أن يوفق بينهما ويحاول الصيانة بينهما ما أمكن ، فإذا عجز القاضي عن الصيانة بينهما طلقها فوقه طلقة بائنة ، وقد أباح الدستور لها حق دعوة التمييز طوال سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى ، وإلا إذا كانت قد قبِلت بذاك صراحة أو ضمنا ، ويتجدد حقها في دعوة التطليق متى ما تزوج بأخرى ، وايضا الحكم فيما يتعلق للزوجة القريبة العهد إذا كانت لم تعلم أن قرينها متزوج بسواها ثم تبين أنه متزوج ، فلها أن تطلب التطليق ايضاً .

معنى ذاك أن التشريع لا يجعل من محض التعدد في نفسه ضررا موجبا للتطليق ، وبهذا يكون ذلك الدستور قد تلافى عدد محدود من الأعمال الغير شرعية التي جاء بها التشريع الذي حكم بعدم دستوريته .

Originally posted 2021-11-27 20:11:53.

Copyright © 2019 hayamgomaa.com. All right reserved

اتصل الان