كلية الشريعة باكادير: ماستر أحكام العائلة في الفقه والقانون: جدال بحث ماستر بعنوان الاجراءات القضائية المرتبطة بأداء مدونة العائِلة واشكالاتها العملية المحكمة الابتدائية بالصويرة نموذجا، رقابة الطبيب عبد العزيز بلاوي، إنجاز عماد الخرواع
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث لنيل شهادة الماستر
تخصص أحكام العائلة في الفقه والقانون
بجامعة القرويين – كلية الشريعة باكادير –
بعنوان
الأفعال القضائية المرتبطة
بتنفيذ مدونة العائلة وإشكالاتها العملية
المحكمة الابتدائية بالصويرة نموذجا
لجنة الجدال :
فضيلة الطبيب : عبد العزيز بلاوي عميد كلية الشريعة والقانون باكادير مشرف ورئيسا
فضيلة الطبيب : عادل حامدي رئيس المحكمة الابتدائية بالصويرة عضوا
فضيلة الطبيب : حسن قصاب أستاذ بكلية الشريعة والقانون باكادير عضوا
فضيلة الطبيب : روعة أبو شامة أستاذ بكلية الشريعة والقانون باكادير عضوا
أصدرت قرار اللجنة عطاء الرسالة نقطة 18/عشرين مع الإنذار بالباحث والبحث
بسم الله الرحمان الرحيم والدعاء و الاطمئنان على أشرف المرسلين خاتم النبيئين محمد صلى الله علية وسلم وعلى صحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أمـــا عقب :
يشرفني أن أَمْثل اليوم في مواجهة اللجنة العلمية المحترمة في تلك الساعة المبروكة، بهدف نقاش برقية جامعية في نطاق نيل شهادة الماستر تخصص أحكام العائلة في الفقه والقانون بتلك الإجمالية العتيدة ولذا في مقال ” الممارسات القضائية المرتبطة بتأدية مدونة العائلة وإشكالاتها العملية “.
نبدأ أولا
بالتعريف بالبحث وأهميته :
تجسد الأفعال القضائية القلب الخافق لقانون مدونة العائلة المغربية، حيث لولا تلك الأعمال والمساطر لبقيت مدونة العائلة بين دفتي كتاب لا تصلح لشيء، خسر تفطن سيادة الملك محمد الـ6 رعاه الله لتلك الضرورة وقتما صرح في تدشين الدورة البرلمانية الأولى بتاريخ الـ10 من تشرين الأول لعام 2003 : ” وقد أوضحنا فيها أن تلك المسجلة، مهما إحتوت من مكونات التصليح، فإن تفعيلها يستمر رهينا بإيجاد قضاء عائلي عادل، وجديد ونافذ، بشكل خاص وقد ظهر على يد تنفيذ المسجلة الجارية، أن جوانب القصور والخلل لا تعود فحسب إلى بنودها، إلا أن بالأحرى إلى انعدام قضاء عائلي مؤهل، ماديا وبشريا ومسطريا “.
ومن هنا تبدو لزوم ذلك البحث الذي جمعت فيه عدد من الممارسات القضائية المرتبطة بتأدية أساسيات مدونة العائلة مع توضيح أبرز الإشكالات المتعلقة بها. بشكل خاص مع عدم حضور كتابات ومؤلفات خاصة جمعت كل المساطر القضائية المرتبطة بتأدية مدونة العائلة، إذ تقتصر أكثرية الكتابات التي تهتم بذلك الميدان على أكل مقال جزئي لتلك الممارسات موغل في التفصيل لا يفي بالغرض المبتغى . وهو الذي جعلني أخوض غمار البحث في ذاك المسألة، رجائي أن أكون قد شاركت ولو بقليل في إثراء المكتبة الجامعية، والعلمية.
وتجيء ضرورة ذلك البحث ايضاً في كون موضوعه يحصل على أهميته من لزوم البحث في الفقه القضائي الذي يحتل مرتبة فريدة بين العلوم في السحيق والعصري، أفاد ابن فرحون في كتابه تبصرة الحكام في منابع الأقضية ومناهج القرارات: “وبما أن معرفة القضاء بهدف العلوم قدرا، وأعزها موضعا، وأشرفها ذكرا، لأنه مقام علي، ومنصب نبوي، به الدماء تعصم وتسفح، والابضاع تحجب وتنكح، والأموال يثبت ملكها ويسلب، والمعاملات يعرف ما يجوز منها ويحجب، ويكره ويندب ” إلى أجدد حواره رحمه الله.
ومن هنا كان للبحث في التشريع القضائي والمساطر القضائية لزوم ضخمة بكونه الوسيلة الضرورية لأداء التشريع، وأن المواضيع التشريعية توجد جامدة، والذي يبعث فيها الروح هو التحميل القضائي عن طريق أجهزته المتغايرة وتنظيماته ومساطره المتنوعة.
ومما يمنح لذلك البحث ثمن علمية ومنهجية رصينة كونه حضي بتأطير عدد من الأساتذة الأجلاء من غير مشابه الجامعات المغربية على قمتهم أستاذي الفاضل عميد كلية الشريعة والقانون الطبيب عبد العزيز بلاوي له مني جزيل الحمد والإطراء، وأسهَم في تأطير ذلك البحث أيضاً عدد من السادة القضاة على قمتهم أستاذي الفاضل رئيس المحكمة الابتدائية بالصويرة الطبيب عادل حامدي له مني ايضا جزيل العرفان والمدح، مثلما أطر ذاك البحث ايضاً نخبة من أطر وزارة الإنصاف على قمتهم المنتدب القضائي الأهلي بالمحكمة الابتدائية بالصويرة أستاذي الفاضل الطبيب محمد تفوين أسأل من الله أن يجزيه عني خير العقوبة.
فهذا البحث مأخوذ على الفور من الجهد القضائي للمحكمة الابتدائية بالصويرة بإعانة قضاة و أطر تلك المحكمة، وقد طعمته بما أتى في شتات الكتب التشريعية والفقهية المختصة بدراسة تلك الأعمال والمساطر المرتبطة بأداء متطلبات مدونة العائلة، ثم سعيت إلى إغنائه بجميع ما اطلعت فوقه من اجتهادات وأحكام قضائية في الأمر، محاولا في جميع هذا ربط قليل من الأحداث في مجال الممارسات القضائية المخصصة بمدونة العائلة بالنصوص الشرعية المرتبطة بها وبالأحكام القضائية التي تؤكدها، مع الدلالة إلى أكثر أهمية الإشكالات العملية التي تعترض تنفيذها بالطراز الصحيح.
إشكاليات البحث :
لو أنه المشرع المغربي رغبة منه في فض التشاجر الأسري في أكثر قربا الآجال وأصغر الأثمان والتلفيات وبفعالية، فإنه عمل على إحراز القضاء الأسري وسن نُظم مسطرية مرتبطة بالقضايا العائلية، و بالرجوع إلى تلك المواضيع القانونية التي تم اتخاذ قرار تلك المساطر ومقارنتها بالواقع العملي والعمل القضائي بالمملكة، نجدها تفرز الكثير من الإشكالات التي أتى ذلك البحث للإجابة عنها، ومن الممكن صوغ أهمها على طراز الاستفسارات الآتية:
ما المقصود بالتدابير القضائية المرتبطة بتأدية مدونة العائلة، وهل صادف تفعيلها أي إشكالات عملية أم لا ؟
هل تشتمل تلك الأفعال الدفاع الأساسية لحماية وحفظ العائلة والمحافظة على استقرارها ؟
إلى أي نطاق تمَكّن القضاء الأسري تنشيط تلك الأفعال بالمظهر الصحيح الذي أراده المشرع من سنها ؟
كيف يمارس المتقاضون تلك النُّظُم المسطرية، غرض المحافظة على مستحقاتهم؟
منهجية البحث ومخطط التعليم بالمدرسة :
لأجل أن أهم أبرز الممارسات القضائية لتأدية مدونة العائلة ليس من الصواب أن نولي بحثنا ذاك المنحى الإفتراضي الاستبدال، إلا أن لا مفر من الانتباه بالجانب العملي أكثر، حيث لا نفع من تلك التعليم بالمدرسة إذا كانت أسيرة الأفكار النظرية بعيدة كل البقاء بعيدا عن الحياة والواقع العملي للعمل القضائي المخصص بتأدية مدونة العائلة.
وللإلمام بموضوع الأفعال القضائية المرتبطة بتأدية مدونة العائلة، مهدت للبحث بفاتحة متمثل في نبذة موجزة بشأن المسألة، ثم قمت بتوزيع نص البحث إلى فصلين رئيسيين :
عنونت الأضخم بــ :
الأعمال المسطرية المرتبطة بالزواج وانحلال ميثاق الزوجية
قسمته إلى مبحثين، الأكبر يعنى بدراسة الأعمال والإشكالات العملية المرتبطة بأداء أحكام الكتاب الأضخم من مدونة العائلة، والمتعلق بكتاب الزواج، إذ تطرقت فيه للعمليات الماضية واللاحقة لتوثيق قسيمة الزواج وهذا في الطلب الأضخم، وخصصت الطلب الـ2 من ذلك المبحث لدراسة الزيجات التي تفتقر لإذن مسبق من قاضي الزواج.
أما المبحث الـ2 من ذاك الفصل فيعنى بدراسة الأفعال والإشكالات العملية المرتبطة بأداء أحكام الكتاب الـ2 من مدونة العائلة، والمتعلق بكتاب انحلال ميثاق الزوجية، أكلت في مطلبه الأكبر الأفعال والإشكالات العملية المرتبطة بكل إدعاءات فسخ العلاقة الزوجية، ثم أكلت في مطلبه الـ2 كل ما يكون على ارتباط بدعاوى التطليق.
أما الفصل الـ2، ولقد عنونته بــ :
الأفعال المسطرية المرتبطة بباقي القضايا العائلية
خصصت مبحثه الأكبر لدراسة الأعمال والإشكالات العملية المرتبطة بتنفيذ أساسيات الكتاب الـ3 من مدونة العائلة، والمتعلق بكتاب الإنجاب ونتائجها، ولذا في الطلب الأكبر، إضافة إلى ذلك دراسة متطلبات تشريع كفالة الأطفال المهملين لارتباطه العميق بمدونة العائلة ولاسيما ما يصبح على علاقة بأحكام النسب، وهذا في الطلب الـ2.
أما في المبحث الـ2 من ذاك الفصل فتطرقت في مطلبه الأكبر لدراسة الأعمال والإشكالات العملية المرتبطة بأداء أحكام الكتاب الـ4 من مدونة العائلة، والمتعلق بكتاب الأهلية والنيابة التشريعية ، أما في مطلبه الـ2 ولقد خصصته لتدابير أحكام الكتاب الـ6 من مدونة العائلة والمتعلق بكتاب الميراث. وكل ذاك مع النهوض على أكثر أهمية الإشكالات العملية التي تكتنف تلك القرارات.
وفي الأخير ختمت بحثي ذلك بخاتمة متمثل في ملخص واستنتاجات لما توصلت إليه من النتائج والمقترحات.
ثم ملحق لذلك البحث وهو متمثل في ثلاثة هارب : الأضخم يشتمل عدد من آخر القرارات القضائية المنصبة في الشأن. أما الملحق الـ2 فيشتمل على على أبرز الملفات الرائجة بقسم قضاء العائلة .
ويجيء في الأخير الملحق الـ3 الذي وضعت فيه آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة الإنصاف والمتعلقة بالقضايا العائلية .
عاقبة :
وانطلاقا من كل تلك المعطيات، سأجمل قليل من ما توصلت إليه من نتائج طوال ذاك البحث، مبرزا أبرز الاستنتاجات التي توصلت إليها أولا، ثم الأفكار المقترحة التي أشاهد فيها حلا لبعض الصعوبات التي نتجت عن تنفيذ مدونة العائلة في المحاكم المغربية .
أولا : الاستنتاجات
المقصود بها أهم النتائج التي اختتم إليها البحث، وتتجلى وفي السطور التالية :
إن أي تصرف من أفعال تنفيذ مدونة العائلة على الدرجة والمعيار القضائي سوى وتعتريه متعددة إشكالات يتوجب من المشرع التدخل لحلها وتجاوزها.
حدد المشرع المغربي عدد من الآجال للبت في عدد محدود من القضايا بخاصة التطليق للشقاق والنفقة.. دون تنصيصه على العقوبة المترتب عن مخالفة تلك الآجال.
عدم وضوح الكثير من المواضيع المسطرية المرتبطة بدعاوى فسخ العلاقة الزوجية والتطليق، وفي قليل من الأحيان تعارضها، الأمر الذي يفتح الباب في مواجهة الاجتهاد الذي قد يكون ضارا بالأسرة من حين لآخر.
قلة الموارد الإنسانية التي تعمل في أقسام قضاء العائلة سواء تعلق الشأن بالقضاة أو بكتاب التهيئة.
إن الإدعاء العام طرف أصلي في قضايا العائلة طبقا للمادة 3 من مدونة العائلة، بينما نجد أنها طرف ممنهج ليس إلا وفق متطلبات الفصل 9 من تشريع المسطرة المدنية، الأمر الذي يشكل تعارضا في الآثار المترتبة.
ثانيا: الافتراضات
يتضح من المجهود القضائي الرامي إلى تأدية مدونة العائلة أنه يتكبد من وافرة صعوبات نقترح لحلها ما يلي :
على المشرع المغربي تجهيز دورات تكوينية لفائدة قضاة وموظفي أقسام القضاء الأسري في جميع ما يكون على ارتباط بالمادة العائلية، قانونا وفقها وتطعيمها بعلوم النفس كعلم المؤتمر وعلم النفس السلوكي وعلم الإتصال.
يقتضي إحراز تشريع مسطري عائلي منفصل يأكل بشكل مفصل جميع الأعمال المسطرية المرتبطة بأداء اللوازم العائلية، سواء على نطاق الاختصاص أو المسطرة أو القرارات…، وهذا لتعزيز التدخل القضائي في الميدان الأسري الذي يمتاز بطابع خاص، ومن تم فهو بحاجة لقانون مسطري يعمل بآليات أخصائية في الميدان الأسري.
يقتضي على المشرع إحراز بنايات مستقلة لأقسام قضاء العائلة مجهزة بأحدث الطرق التكنولوجية لإدراك الأعداد الكبيرة جدا من المتقاضين في الإدعاءات العائلية.
ينبغي تنشيط وتعميم الشركات الموازية لمساعدة أقسام قضاء العائلة من قبيل حاوية التكافل العائلي، ومنشأة تجارية المعاونة الاجتماعية، ومجلس الأسرة، لما لها من دور مؤثر في المحافظة على العائلة وحقوق أفرادها.
يقتضي إحراز محاكم ابتدائية واستئنافية للعائلة أخصائية مثل الكثير المحاكم الإدارية والتجارية، وتتفاوت عنها من إذ الطبيعة والمقر، إذ إن العائلة يلزم أن تحل خلافاتها في مقر يجعل الزوجين والأطفال في أريحية واطمئنان مع السرية الكاملة لحل نزاعاتها، مثلما يلزم إحراز أقسام في نطاق تلك المحاكم المختصة، والعمل على إدخار موارد آدمية أخصائية وكافية لتدبيرها.
يلزم على المشرع تعميم بلا مقابل التقاضي في الإدعاءات العائلية بشكل عام، لتسهيل التقاضي في مواجهة جميع المتقاضين بشكل خاص الزوجات والمطلقات من بينهم.
تلك قليل من النتائج و الإقتراحات التي توصلت إليها على يد بحثي ذلك. راجيا أن إستلم أذانا صاغية، وأخذها بعين الاعتبار لتلبية وإنجاز ما فيه خير للأمة والمنفعة العامة .
وفي الختام أريد أن أتقدم بخالص شكري، وفائق تقديري لفضيلة الأستاذ الطبيب عبد العزيز بلاوي على تحبذه بقبول الرقابة على ذاك المجهود، وتتبعه بجميع إعتناء وتركيز، بالتوجيه والتصويب، طوال مرحلة إنجازه، فله مني كل المودة والتقييم.
مثلما أتوجه بجزيل العرفان والعرفان لفضيلة الطبيب عادل حامدي على اتباعه لذا البحث بالتعديل والتسديد حتى خرج بصيغته الختامية، و أتفضل بالشكر أيضا للسادة الأساتذة أعضاء لجنة الحوار المحترمين من ضمنهم فضيلة الطبيب حسن قصاب وفضيلة الطبيب بهاء أبو شامة على تحملهم مجهود قراءة ذاك الجهد، وجهدهم في تصحيحه وتسديده، وتحية مودة ومحبة وتبجيل لجميع أساتذتي بكلية الشريعة بأكادير وموظفي الخزانة العلمية بها، وتحية مني لأسرتي ولكل السادة الأفاضل الذين شرفوني بحضور تلك الحوار. واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
Originally posted 2021-11-24 18:48:50.