مفهومها: تعرف محكمة النقض السورية الخلوة القانونية بالقول: “أن يختلي القرين بزوجته في موضع له باب مقفول من الداخل ولا يفتح سوى بإرادة الزوجين أو أحدهما، ولا يكون هنالك عائق حسي أو تشريعي يحظر الوطء وأن يستغرق المؤتمر وقتاً كافياً”.
ويعرّفها الفقه: بأنها مواجهة الزوجين حتى الآن إتفاق مكتوب النكاح في موضع ما منفردين يأمنان دخول الغير عليهما ولا يبقى بالزوجة عائق حسي أو تشريعي أو طبيعي يحظر مقاربة القرين لها، وإلا كانت الخلوة فاسدة. والمانع الحسي هو وجود فرد ثالث في مقر اجتماعهما ولو أنه ذلك الواحد أعمى أو نائم، أما الضئيل الذي لا يعقل فلا يفسد الخلوة. والمانع التشريعي مثلما إن كانت القرينة صائمة صوم رمضان أو كانت خلال الإحرام بالحج لأن جماع المرأة في هاتين الحالتين محرم، أو كانت القرينة حائضاً. والمانع الطبيعي إذا كانت القرينة مريضة مرضاً يمنعها المقاربة أو كان واحد من الزوجين صغيراً. فإذا وجد عائق من تلك الموانع فلا تمثل خلوة صحيحة إلا أن تلقب خلوة فاسدة.
أحكام الخلوة السليمة:
تساهم الخلوة السليمة الدخول الحقيقي في أحكام وتخالفه في أحكام أخرى إذ أن الخلوة السليمة في عرف محكمة النقض السورية تقوم مقام الدخول الحقيقي ولو لم يحدث الدخول بالفعلً. أما القرارات التي تشترك فيها الخلوة مع الدخول الحقيقي فهي:
1ـ ضرورة المهر بتمامه المعجل منه والمؤجل سواء المسمى أو كان مهر المثل إن لم يكن ثمة تسمية للمهر ولو كان اجتهاد محكمة النقض السورية قد ثبت على اعتبار أن معجل المهر يكون له الحق في فور الاتفاق المكتوب السليم ولا يصبح على علاقة ذاك بالدخول أو قيام الخلوة.
2ـ ضرورة العدة عقب الفرقة كعدة فسخ العلاقة الزوجية حتى الآن الدخول الحقيقي.
3ـ نفقة العدة على القرين المطلق لزوجته عقب الخلوة.
4ـ تحريم الجمع بينها وبين شقيقتها ومن في حكمها من المحرمات بالقرابة ما ظلت في العدة.
5ـ ثبوت نسب الطفل الصغير من قرينها.
وتخالف الخلوة السليمة أحكام الدخول الحقيقي في الأشياء اللاحقة:
1ـ إن دخول القرين على قرينته دخولاً حقيقياً يمنع أعلاه الزواج بأحد فروعها أما الخلوة بها فلا تمنع, لأن الخلوة بالأمهات لا تحجب الفتيات.
2ـ الدخول بالمطلقة رجعياً ما ظلت في العدة يعد إعادة نظر فعليا أما الخلوة بها فلا تعد رجعة.
3ـ إن فسخ العلاقة الزوجية في أعقاب الدخول الحقيقي من الممكن أن يكون طلاقاً رجعياً يجوز للزوج أن يراجع قرينته ما استمرت في العدة، وقد يكون طلاقاً بائناً لا رجعة للزوج سوى بعقد مودرن إذا كان طلاقاً بائناً بينونة صغرى، أما فسخ العلاقة الزوجية عقب الخلوة فلا يكون رجعياً لكن هو طلاق بائن مستديم لا رجعة فيه.
4ـ المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها الأضخم حتى يتزوجها قرين أجدد زواجاً شرعياً غير موقوف وبدون تواطؤ ثم يطلقها، فتقضي عدتها، فتحل للأول إذا أراد أن يعقد فوق منها عقداً جديداً, أما خلوة القرين الـ2 بها فلا تحلها للأول.
5ـ من طلق قرينته حتى الآن الخلوة بها فلا ميراث بينهما إذا لقي حتفه أحدهما خلال العدة، لأنه طلاق بائن في حين لو إنفصالها بالطلاق في أعقاب الدخول الحقيقي طلاقاً رجعياً فإنهما يتوارثان ما استمرت العدة لائحة.
أما الخلوة الفاسدة في النكاح السليم فلا أثر لها سوى في كلف فرد وهو ضرورة العدة، فمن اختلى بزوجته قبل الدخول خلوة كان فيها عائق من الموانع كانت خلوة فاسدة فلا تساهم الدخول الحقيقي في أحكامه سوى في العدة لأن العدة حق الشارع والغلام؛ فاحتراماً لإرادة الشارع وصوناً للولد من الخسارة في حين لو تم بينهما دخول طوال الخلوة، أخذت حكم الدخول.
أما الخلوة في النكاح التالف سواء أكانت صحيحة أم فاسدة فلا أثر لها ولا تساهم الدخول بأي حكم من القرارات. وأتى في التشريع السوري المادة 58 من دستور الظروف الشخصية أنه: “إذا سمي مهر في الاتفاق المكتوب السليم ووقع فسخ العلاقة الزوجية قبل الدخول والخلوة السليمة وجب 1/2 المهر”.
فالقانون السوري يعد الخلوة السليمة كالدخول أخذاً من مذهب الحنفية. واستدل الحنفية لمذهبهم بقوله هلم: “وأن أردتم استبدال قرين موضع قرين وأتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه بهتاناً وإثماً موضحاً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى عدد محدود من وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً”، وهم يفسرون معنى الإفضاء بالخلوة، مثلما يستدلون بما رواه الدارقطني عن رسول الله (ص) أنه صرح: “من أعلن خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل”.
Originally posted 2021-11-24 18:55:09.