صيغة وعبرة مجلة طعن بالنقض في دعوى بدل إتلاف عن مسؤولية حارس الموضوعات – مدني .
مجلة طعن بطريق النقض
واجهة : يوما ما ما المتزامن مع / / 199م.
إلـــي : محكمة النقض ” الدائرة المدنية “.
مــــن : الأستاذ/ المحامي بالنقض، بوصفه وكيلاً عن السيد الأستاذ/ رئيس مجلس منفعة منظمة الأوقاف المصرية بكونه، بمقتضى توكيل وتفويض مودعين (رقم التوكيل ثلاثمائة أ لعام 1996 – تقرير الأهرام)، وموطنه الشرعي : ترتيب مصلحة الإدارة الأساسي برقم 109 شارع الاستقلال – بالدقي – مجال الدقي – موالي قسم الدقي – محافظة الجيزة. ومحله المختار : مصلحة قضايا الإدارة الكائنة برقم 7 (أ) شارع يوسف نجيب – بالعتبة – مناصر قسم الموسكي – محافظة العاصمة المصرية القاهرة.
( صفته : طاعن )
ضـــــد
جميع من :-
1- السيد/ محمد إلتماس محمد إبراهيم، عن ذاته، وبوصفه ولياً طبيعياً على أبناءه القُصر ( فرحان وأحمد ).
2- السيدة/ منسوبه أحمد محمد.
3- السيد/ أسامة محمد مناشدة.
المقيمين سوياً ببندر الفيوم – مساكن كيمان فارس – عمارة 21 .
4- السيد/ كمال الدين حسين، بكونه رئيس مجلس منفعة عمارة الأوقاف الكائنة بشارع الحرية -بندر الفيوم. والمقيم بعمارة الأوقاف – الدور الحادي عشر – شارع الحرية – بندر الفيوم.
( صفتهم : مطعون حيالهم )
وهذا طعناً بالنقض على الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي 349 ، 397 لعام 34 قضائية، من محكمة استئناف بني سويف ( مهمة الفيوم ) – الدائرة الثامنة المدنية، بجلسة يوم الثلاثاء المتزامن مع 23/6/1998 ، والذي أمر في منطوقه بما يلي :-
” قضت المحكمة :
أولاًً – بقبول الاستئنافين شكلاً.
ثانياً – وفي نص الاستئناف رقم 497 لعام 34 قضائية برفضه، وألزمت المستأنف
بكونه النفقات ومِقدار 20 جنيهاً بنظير مشقات المحاماة.
ثالثاً – وفي مقال الاستئناف رقم 349 لعام 34 قضائية بتنقيح الحكم المستأنف إلي تكليف المستأنف تجاهه بكونه أن يؤدي للمستأنفين مِقدار 50 1000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً وموروثاً يوزع على النحو الوارد بالأسباب، وألزمت المستأنف إزاءه بوصفه بالمصاريف ومِقدار 20 جنيهاً بنظير مشقات المحاماة “.
* وقد كان الحكم المستأنف قد صدر من محكمة الفيوم الابتدائية – الدائرة التاسعة الرسمية، في الدعوى رقم 247 لعام 1996 مدني إجمالي حكومة الفيوم، بجلسة يوم الثلاثاء المتزامن مع 27/1/1998، وأتى في منطوقه ما يلي :-
” قضت المحكمة :
أولاً – بعدم رضى الدعوى فيما يتعلق للمدعى فوق منه الأضخم ” وزير الأوقاف، بوصفه “؛ لرفعها على غير ذي طابَع.
ثانياً – بقبول إدخال كمال الدين حسين رئيس مجلس مصلحة العمارة، وبعدم رضى الدعوى له لرفعها على غير ذي سمة.
ثالثاً – برفض الدفع فيما يتعلق للمدعى فوقه الـ2 “رئيس مجلس منفعة منظمة الأوقاف المصرية”، وبقبولها.
رابعاً – بإلزام المشتبه به الـ2 ” رئيس مجلس منفعة منظمة الأوقاف المصرية، بصفتـه ” بـأن يؤدي للمدعين مِقدار وقدره خمسة عشر 1000 جنيه تعويضاً مادياً، ومِقدار ستة آلاف جنيـه تعويضاً أدبياً، توزع بالسوية بين المدعيـن، ومبلـغ أربعـة آلاف جنيـه تعويضـاً موروثـاً يوزع بين المدعيـن حسـب الفريضـة الشرعيـة، وألزمـت المدعـى عليـه الثانـي بصفتـه بالمناسب من النفقات ومِقدار عشـرة جنيهات بنظير أعباء المحاماة، ورفضت ما عدا ذاك من طلبات “.
وقائع التشاجر
( وهي جزء رئيسي من عوامل الطعن بالنقض )
1 – تتلخص الأحداث في أن المطعون تجاههم الثلاثة الأُول قد أقاموا الدعوى رقم 247 لعام 1996 مدني إجمالي حكومة الفيوم، مقابل الطاعن وآخر، للمطالبة بتعويض قدره 500000 ج (500 1000 جنية مصري لاغير ليس إلا) كتعويض عن موت مورثهم (المرحوم/ خالد إلتماس) في مصعد العمارة السكنية الكائنة بشارع الحرية ببندر الفيوم والمملوكة للطاعن نتيجة عطل فني بالمصعد (على حاجز قولهم) وعدم توفر عامل محترف.. وأسسوا دعواهم هذه على مقال المادة 178 مدني، التي تحكم نص “تأمين الأمور”، على اعتبار أن مصرع مورثهم في المصعد قد حدثت نتيجة الإهمال في صيانته وعدم القيام بإصلاحه أو المراقبة فوق منه، وهو من الأمور التي تحتاج حراستها مراعاة خاصة.. وزعموا أن الطاعن هو المنوط به تلك الإعتناء، وهكذا مسئولاً عن التلفيات الناجمة عنه.
2 – صرف الطاعن في مواجهة محكمة أول درجة بأن صاحب المسئولية عن حماية المصعد هو المدعى عليه الـ4 (رئيس مجلس مصلحة المبنى)، والذي اُدخِلَ خصماً في تلك الدعوى.
* ورِجل سنداً لدفعه ذاك، بجلسة 21/11/1996، حافظة ملفات طويت على :-
a- صورة طبق المصدر من كتاب الأستاذ/ مثلما الدين حسين المحامي بوصفه رئيس مجلس هيئة المجمع السكني، الرقيم 724 والمؤرخ 27/9/1994، وانطوى أن مجلس المنفعة للمجمع السكني له السيطرة على العمال وتصليح المصعد.
b- صورة طبق المنشأ من محضر مجلس منفعة المجمع السكني عن عام 1993 والذي يفيد ن مجلس منفعة المجمع السكني هو ما يقوم بالإشراف على المصاعد وتعيين عمال المصاعد ومتابعتهم والإشراف عليهم، وصرف رواتبهم.
* وفوق منه تكون قد ثبتت انتساب عامل المصعد لمجلس منفعة العمارة، وبالتالي تثبت سلطة الرقابة على المصعد لمجلس منفعة العمارة، لا سيما وأن الثابت من الأوراق (المودعة بملف الدعوى)، أن عامل المصعد، الذي حدث به الحادث، واسمه/ مجدي حلمي محمد محمود، قد شهد وقرر في محضر تقصي قوات الأمن الذي أجرته بمجرد سقوط الحادث، رداً على أحد الأسئلة محقق قوات الأمن: ومن صاحب المسئولية عن هيئة مصاعد عمارة الأوقاف؟ أجاب عامل المصعد : صاحب مسئولية عن المصاعد مجلس مصلحة العمارة. (أنظر محضر التقصي ص 4). وايضاً أجاب العامل الـ2، واسمه/ صبري سعداوي منحة سعداوي، رداً على أحد الأسئلة محقق أجهزة الأمن: ومن صاحب المسئولية عن هيئة تلك المصاعد؟ أجاب عامل المصعد : هو مجلس مصلحة العمارة يرأسه الأستاذ/ كمال الدين حسين المحامي وساكن في نفس العمارة. ( أنظر محضر التقصي ص 7 ).
* مثلما شهد واحد من مستأجري وحدات المجمع السكني (السيد/ حافظ عبد النبي رزق)، خلال التقصي الذي أجرته محكمة أول درجة، بأن : ” العمارة بها مجلس منفعة هو المتولي مسئولية الأسانسير “.
فالبينة وقرائن الأوضاع، تدل على الهيمنة الفعلية على المصعد، هي لمجلس منفعة العمارة، الذي له على المصعد سلطة الرقابة والتوجيه والرقابة، أي هو الحارس له، وبذلك هو صاحب المسئولية عن التلفيات الناجمة عنه.
3 – صرف المدعى عليه الـ4، رداً على دفاع الطاعن، في مواجهة محكمة أول درجة، في مذكراته المكتوبة والواجهة في جلستي 23/1/1997 و 4/12/1997، بعدم موافقة الدعوى لرفعها على غير ذي سمة فيما يتعلق إليه لأنه ليس مالكاً للعمارة ولا حائزاً لها بوصفه مالكاً أو نائباً عن المالك، وإنما هو مستأجر بسيط لإحدى وحدات سكنية العمارة. مثلما أنه لم ينشأ مرسوم بتعيينه رئيس مجلس هيئة العمارة. مثلما أن الطاعن لم يوكله (بتوكيل رسمي) في هيئة العمارة أو المصاعد.
4 – ساير قضاء محكمة أول درجة، دفاع المتنافس المدخل، فقال بالحرف الفرد، في البند الثالثة من الصفحة السادسة من الحكم، أنه : ” وإذ أنه عن الدفع بعدم رضى الدعوى المبدى من الغريم المدخل وهو رئيس مجلس مصلحة العمارة، فإنه بما أن الثابت للمحكمة أن رئيس مجلس المنفعة ليس مالكاً للعمارة وإنما هو مختار من ضمن أهالي العمارة لاغير وليس من قِلكن ممنهجة الأوقاف أو محدد بشكل رسميً في تأدية مأمورية أو صاحب مسئولية مسئولية محددة، فإنه يكون غير صاحب مسئولية عن أية ممارسات أو أخطأ، ويكون الدفع المبدى منه بعدم إستحسان الدعوى لرفعها على غير ذي ملمح صحيحاً ويتعين القضاء به “.
* وبالتالي دشن حكم محكمة أول درجة قضائه على مال الشيء ليس إلا، والتي أسندها إلي الطاعن بكونه، وإنشاء فوقه حمله بالمسئولية عن التلفيات الناجمة عنه، فورد في قرائن ذلك الحكم، في العبارة الثالثة من الصفحة السابعة : ” وإذ أنه بما أن ذاك، وقد كان الثابت للمحكمة أن المدعين قد أصابهم ضرراً نتيجة لوفاة مورثهم وعائلهم المنفرد نتيجة لحدوث عطل فني بالأسانسير المملوك لهيئة الأوقاف والمسئول عن هذا هو رئيس مجلس هيئة جمعية الأوقاف المصرية بكونه “.
* وبذلك، وإنشاء على ما تمنح، حكمت محكمة أول درجة، بجلسة 27/1/1998، بالتعويض المطعون حيالهم الثلاثة الأُول بمبلغ خمسة وعشرين 1000 جنيه ألزمت بها الطاعن بوصفه.
5 – وعلى الرغم هذا، استئناف المطعون حيالهم الثلاثة الأُول حكم محكمة أول درجة، كي ارتفاع مِقدار والعوض، (وهذا بالاستئناف رقم 349 لعام 34 قضائية). مثلما طعنت فوق منه جمعية الأوقاف لخطئه في تأدية الدستور، كي إلغائه والقضاء مكرراً برفض الدعوى، (وهذا بالاستئناف رقم 397 لعام 34 قضائي). وبجلسة المرافعة، أصدرت قرار محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين جميعاً للارتباط وليصدر فيهما حكم شخص.
6 – وقد صدر الحكم في الاستئنافين قاضياً برفض استئناف ممنهجة الأوقاف لأنها، مثلما صرحت قرائن ذلك الحكم، “… فإن الدفاع تكون معقودة وقت الحادث لهيئة الأوقاف بمثابها مالكه الإنشاء الذي يحدث فيه المصعد… وأن ما أتى بصحيفة الاستئناف أتى مرسلاً لا يسانده هنالك دليل “.
* وبذلك، أيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة بينما قرره من مسئولية الطاعن، سوى أنها حكمت بإعزاز مِقدار والعوض إلي 50 1000 جنية ألزمت بها الطاعن بوصفه. وبما أن ذاك القضاء، قد أتى، مشوباً بالخطأ في تأدية التشريع، من ناحيتين :-
الأولي- أنه اعتبر ثروة الشيء هي المناط في تحديد الحارس له.
والثانية- أنه لم يعتد بقرائن الأوضاع كدليل في إثبات الحماية.
لذا، فإن الطاعن يطعن على الحكم المطعون فيه، لخطئه في تأدية الدستور.
أوجـه الطعـن
أولاً – الخطأ في تأدية الدستور :
ولئن كانت رأي الدفاع، في طليعة تطورها، تميل إلي أن تصطبغ بصبغة شرعية، بما يتضمن أن المسئولية كانت تلزم الواحد الذي له الحق قانوناً في الإشراف على الشيء واستعماله والتسلط فوق منه، حتى ولو لم يكن له ذاك من إذ الواقع. وذلك هو ما يسمى الدفاع الشرعية garde juridique .
سوى أنها تلك الفكرة قد تطورت، وصارت الدفاع المعول فوق منها هي الحماية الفعلية أو الواقعية garde de fait وهي هذه التي تقوم على السيطرة والتسلط على الشيء والإشراف والرقابة فوقه من إذ الواقع، ولو لم تكن مستندة إلي حق يقررها، دون أن تنخفض، مع هذا، إلي وجهة نظر الإشراف أو الدفاع النقدية garde materielle التي يتولاها الخدم والأتباع، لحساب مخدوميهم، والذين يعتبرون محض عتاد للحراسة، وليسوا حراساً.
وقد مكن ذلك التقدم، بشكل خاص، من عدم إلقاء المسئولية عن الضرر الناتج عن العربات المسروقة على عاتق أصحابها الذين سرقت من بينهم، لاعتبار السارق هو الحارس دونهم.
[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 77 ].
المسئولية تثقل حارس الشيء
تمضي المادة 178 مدني بأنه : ” جميع من تولى حماية أشياء تحتاج حراستها إعتناء خاصة أو تأمين آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه ذاك الموضوعات من ضرر، ما لم يشير إلى سقوط الضرر كان نتيجة لـ غربي لا يد له فيه، ذاك مع عدم الإخلال بما يرد في هذا من أحكام خاصة “.
فالمسئولية عن التلفيات الناجمة بإجراء الأمور الخطرة، بصريح مقال المادة 178 مدني، تثقل كاهل من يضطلع بـ حماية الشيء، وبعبارة أخرى، حارس الشيء. ولذا هو الأمر كلياً فيما يتعلق إلي القوانين العربية الأخرى التي استلهمت قانوننا كالقانون المواطن السوري (المادة 179) والقانون المواطن الليبي (المادة 178) والقانون الكويتي (المادة 243).
وبذلك فالحراسة، في هذه القوانين معاً، هي مناط المسئولية عن التلفيات الناجمة بإجراء الأمور الخطرة، وليس ثروة تلك الموضوعات.
ولم يقتصر قانوننا المواطن على جعل الدفاع دون المال هي مناط المسئولية فيما يتعلق للمضار الناجمة عن الآلات الميكانيكية وغيرها من الموضوعات الخطرة الأخرى بمعنى الجمادات، إلا أن جعلها ايضاً مناط المسئولية فيما يتعلق إلي الإضرار التي يحدثها الحيوان ( المادة 176 ) وهذه الناجمة عن تداعي الإنشاء ( المادة 177 ).
ماهية تأمين الشيء بكونها
مناط صبر المسئولية عن التلفيات الناجمة عنها
ثبت الفقه والقضاء حتّى المقصود بـحراسة الشيء garde de la chose بكونها مناط تحديد الفرد الذي يحمل على عاتقه بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه، هو الهيمنة أو السيطرة أو التسلط فوقه. فحارس الشيء، الذي يحمل على عاتقه بالمسئولية عن الضرر الذي يحدثه هو الفرد الذي تكون له، لدى إحداثه الضرر، الهيمنة أو السيطرة أو التسلط أعلاه، وذلك المدلول لاصطلاح “الحماية” هو ما يستبين، من الممارسات التحضيرية لقانوننا المواطن، أن مُشرعنا قد أتجه إليه، وهو ما سلس قضاؤنا فوقه في اطراد كامِل.
غير أن متى يكون للواحد الهيمنة أو السيطرة أو التسلط على الشيء حتى يحتسب حارساً إياه ويحمل على عاتقه بالتالي بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه؟؟
يبقى، في ذاك الميدان، حكم لازم، أصدرته محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة، في 2 كانون الأول سنة 1941، في مسألة ذاعت شهرتها في عالم التشريع، لما أنتَجَ عن هذا الحكم الصادر فيها من مبادئ شرعية جوهرية، ولكثرة ما تردد مضمونه، إلا أن العديد من عباراته في القرارات اللاحقة وفي كتابات الفقهاء. وتعرف تلك القضية بقضية فرانك Affaire Franck نسبة إلي المشتبه به فيها.
وتتلخص وقائع تلك القضية في أن طبيباً يطلق عليه Franck عهد بمركبته إلي أبنه الذي كان قاصراً حينذاك، لأجل أن يذهب بها إلي بلدة Nancy لقضاء سهرة عيد الميلاد. أوقف الابن العربة على ناحية واحد من الشوارع، ودخل واحد من الدكاكين العامة يقضى السهرة. أتى رجل، واصل مجهولاً، وسرق العربة وانطلق بها. وفي الطريق، دهم بها واحد من المارة فأرداه مقتولاً. آب أهل المقتول على الدكتور Franck بدعوى المسئولية التقصيرية، تأسيساً على أساس أنه حارس العربة التي وقع الضرر بفعلها(1). وكلفت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. وتأيد ذاك الحكم من محكمة الاستئناف (2)“Nancy”. طعن في ذاك الحكم بالنقض. وأتت محكمة النقض، في دائرتها المدنية، ونقضت حكم Nancy، قاضية بأن تأمين العربة إستمرت لمالكها الطبيب Franck ، برغم الإستيلاء عليها. وأحيلت الدعوى إلي محكمة الاستئناف “Besancon” لتحكم فيها من جديدً. وأمرت تلك المحكمة بما يخالف المقترح الذي كانت قد أفادت به محكمة النقض في دائرتها المدنية معززة ما حكمت به محكمة “Nancy” من قبل، من أن تأمين العربة، وقت سقوط المصيبة، لم تكن لمالكها وإنما لسارقها(3). وعلى أثر الطعن بالنقض مرة أخرى في حكم Besancon ، نشرت القضية على محكمة النقض، في دوائرها المجتمعة. فأصدرت الحكم الضروري المهم الذي أشرنا إليه. وأتى في ذاك الحكم : ” إذ أنه، لرفض (دعوى المسئولية)، أصدر قرارا الحكم (حكم Besancon المطعون فيه) أنه في الدهر الذي حصلت فيه المصيبة كان Franck (مالك العربة)، وقد سلبت العربة منه على أثر الإستيلاء عليها، بوضع يستحيل فوق منه فيه أن يبتدأ فوقها أي مراقبة “surveillance” ، وأنه يخلص من ذاك أن Franck، وقد حجب من استخدام سيارته وتحديد وجهتها والرقابة فوق منها Prive de l`usage, de la direction et du controle يكون قد كف عن أن تكون له حراستها، ولم يعتبر بالتالي خاضعاً لزوجة المسئولية المقررة بموجب المادة 1384 بند أولى مدني (فرنسي)… “.
– وبذلك، حددت محكمة النقض الفرنسية، في دوائرها المجتمعة، أن المقصود من الهيمنة أو السيطرة، التي تقوم فوقها حماية الشيء، هو أن يكون للفرد على الشيء سلطة الاستخدام Usage والتوجيه Direction والرقابة Controle.
n والمقصود من اصطلاح الاستخدام : هو استعمال الشيء في غاية من المقاصد التي عيّن لها. فاستعمال العربة، مثلاً، يكون بركوبها أو بالنقل فوق منها، على بحسب ما أعدت له.
n والمقصود من اصطلاح التوجيه : هو سلطة الموضوع فيما يتعلق إلي استخدام الشيء، كتحديد طريقته، ووقت إجرائه، والغرض منه، وتحديد الأفراد الذين يباشرونه، إلي غير هذا. فبالنسبة إلي العربة مثلاً، تباشر سلطة التوجيه بتحديد الغاية الذي تستعمل فيه، ووقت ذاك الاستخدام، والشخص الذي يقودها، ومن يركبها، والطريق الذي تسلكه في سيرها، إلي غير هذا من الأشياء المماثلة.
n والمقصود بمصطلح الإشراف : هو سلطة المسألة، لا فيما يتعلق إلي استخدام الشيء، مثلما هو الوضع في التوجيه، إلا أن فيما يتعلق إلي الشيء نفسه، كسلطة تحليل الشيء وتعهده بالصيانة، واستبدال عدد محدود من أجزائه، وعلى العموم تصرف عموم السلوكيات المالية فيه.
– مع التنفيذ في الاعتبار أن تلك السلطات تتداخل وتتكامل، وتستهدف جميعها قيام فرض السيطرة على الشيء أو ثبوت قوة الشأن بصدده Pouveir de Commandement . فالمهم إذن أن يكون للواحد الهيمنة أو السيطرة الفعلية على الشيء، أو قوة الموضوع فيما يتعلق إليه، أي سلطة إلقاء وإعطاء التعليمات في حاله وإعمالها وتراعى هنا سلطات الاستخدام والتوجيه والرقابة، أو حتى غيرها، لا على أساس أنها متعمدة لذاتها، غير أن على اعتبار أنها تنهض دليلاً على ثبوت الهيمنة أو السيطرة على الشيء أو سلطة الشأن بصدده. وبعبارة أخرى، نأخذها عن أستاذنا السنهوري وعن المذكرة التفسيرية لقانون تحضير الالتزامات الناشئة عن الجهد غير المشروع الكويتي الملغي، المقصود بالحراسة هو أن عنده الواحد زمام الشيء في يده، على أن يكون هو المتصرف في كلفه.
ويخلص من كل ما في وقت سابق، أن تأمين الشيء، التي هي مناط تحديد الفرد الذي يحمل على عاتقه بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه، هي الهيمنة أو السيطرة فوق منه، أو قوة المسألة فيما يتعلق إليه، وأن تلك الهيمنة تقوم على سلطة الاستخدام والتوجيه والرقابة والأشراف والتصرف في الشيء، وعلى كل ما يؤدي إلي ثبوت السيطرة والتسلط فوق منه.
والعناصر التي تقوم أعلاها إحكام القبضة على الشيء هي مركبات موضوعية، بما يتضمن أن قاضي الشأن يستخلصها من أوضاع الدعوى، دون ما مراقبة أعلاه، في استخلاصها، من محكمة النقض أو المفاضلة طالما قد سكن استخلاصه على عوامل سائغة تكفي لحمله. أما تكييف إحكام القبضة على أنها تؤدي إلي ثبوت الدفاع من عدمه، فهو يشتمل موضوع شرعية، لمحكمة النقض فيها القول الفصل.
[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 110 : 227 ].
الحماية التشريعية والحراسة الفعلية
رأينا، أن تأمين الشيء، بكونها مناط تحديد من يحمل على عاتقه بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه، هي الهيمنة أو السيطرة أو التسلط أعلاه أو التمكن من الفعل في طلب منه.
غير أن ما هي طبيعة السند أو الدعامة التي يقتضي لتلك الهيمنة أن ترتكز إليه أو إليها، هل يكفي أن تكون مرتكزة إلي الدستور وحده، بما يتضمن أن يكون للفرد محض حق يهبه الدستور إياه في في الحال مظاهرها، ولو لم تكن ممكنة من إذ الواقع، أم ينبغي أن تكون في الحال الهيمنة متيسرة له بالفعلً وواقعاً؟؟ ومن الجهة العكسية، إذا لزم أن تكون إحكام القبضة على الشيء ممكنة من إذ التصرف والواقع، أي فعلية، فهل يكفي هذا أم أنه ينبغي ايضاً أن تكون مستندة إلي الدستور، أي تشريعية؟؟
في ذلك الميدان، لا يطلع الوضع عن واحد من الفروض الثلاثة اللاحقة :-
1- أن يكون للفرد على الشيء، خلال سقوط المصيبة، الهيمنة التشريعية والفعلية في آن جميعاً. ولذا هو الشأن السهل المألوف. حيث يغلب أن يتفق الواقع مع الدستور في ذلك الصدد، بما يتضمن أن يكون للواحد حق تشريعي في على الفور إحكام القبضة على الشيء، وأن يكون في مقدوره أن يباشرها أعلاه حقاً. وتلك، بشكل خاص، هي موقف المالك، الذي يبقى الشيء بين يديه، ظرف كونه يهيمن أعلاه.
2- أن يكون للواحد، خلال سقوط المصيبة، الهيمنة الشرعية وحدها. بما يعني أن يكون له حينئذ الحق قانوناً في أن يتسلط على الشيء، ويباشر أعلاه سلطانه. إلا أنه محجوب من هذا من إذ الواقع، ولو لمدة محصورة، جراء وجود الشيء أسفل الهيمنة الفعلية لشخص أجدد غيره. وأكثر أهمية مثال لهذا مالك العربة التي يسرقها منه أجدد، ويتم بها ضرراً، وهي بين يديه، يتحكم فيها ويتسلط فوقها.
3- أن يكون للواحد على الشيء، لدى إحداثه الضرر، الهيمنة الفعلية وحدها. بما يعني أن يكون في مقدوره آنئذ، من إذ الواقع، أن يتسلط على الشيء ويهيمن فوق منه، ولو لمقدار مقيدة، دون أن يكون له حق يقرره له التشريع في فورا أشكال ذاك التسلط أو السيطرة. وأكثر أهمية مثال لذا سارق العربة التي ينشأ بها ضرراً للغير.
تلك هي الفروض الثلاثة التي لا يغادر الشأن عن أحدها. والتكليف الأضخم لا يحرض أسفل صعوبة. فالحراسة فيه لائحة على الوجه الكامل التام. إلا أن الصعوبة قد ثارت، فيما يتعلق إلي الفرضين الباقيين. ولذا ما تناوله الفكر التشريعي في ميدان التفرقة بين ما سماه الدفاع الشرعية والحراسة الفعلية أو الواقعية.
الدفاع التشريعية :
في الافتتاح، كان الفكر الشرعي سلس في أفق الحماية التشريعية garde juridique ، مكتفياً بها، غير قانع بغيرها. فكانت الدفاع على الشيء تجسد راسخة لمن له الحق قانوناً في أن يتحكم فيه، ولو لم تكن له تلك الهيمنة من إذ الواقع. أما الواحد الذي يتحكم في الشيء من إذ التصرف والواقع، دون أن يكون له في هذا سند يرتكز إلي حق يقرره له الدستور، فلم يكن يحتسب حارساً. وبالتالي كان الحق في فرض السيطرة على الشيء، دون الهيمنة نفسها، هي مناط الدفاع. وما إذا كان في هذا أكان الحق الذي تستند الهيمنة إليه عينياً مثلما هي الشأن فيما يتعلق إلي المالك، مثلاً، أو شخصياً مثلما هي الشأن فيما يتعلق إلي المستأجر والمستعير.
ومؤدى نظرية الدفاع التشريعية أن الحماية، بمثابها مناط تحديد صاحب المسئولية عن الضرر الناجم بتصرف الشيء، تثبت للمالك، أو إلي فرد أجدد يكون له الحق قانوناً في أن يستهل سيطرته على الشيء، سواء أكان ذلك الحق عينياً أو شخصياً. ويتواصل المالك أو من في حكمه معتبراً حارساً للشيء، إلي أن ينتقل منه إلي غيره الحق في الهيمنة فوقه جراء تشريعي، كبيع الشيء مثلاً، أو إيجاره أو إعارته، أو حصول التوارث فيه.
خسر كان الحكم الصادر من محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة في 2 كانون الأول سنة 1941(4)، والذي في وقت سابق أن عرضنا له، بكون فصل البيان، في ذاك المسألة. فهو الذي غير الفكر الشرعي الفرنسي بشكل قاطعً، وجعله يأخذ بنظرية الحماية الفعلية، بعدما كان، في مجموعه، يقول بالحراسة التشريعية، ولو كانت مؤشرات اندحار تلك الفكرة الأخيرة قد بدأت توضح من قبل ذاك، بينما وجهه إليها الفقهاء من إنتقاد، وفي حين صدر من محاكم الاستئناف من رفض لها وإصرار فوق منه.
خسر اعتبر ذاك الحكم الضروري الجوهري سارق العربة، دون مالكها هو الحارس، الذي يحمل على عاتقه بالمسئولية عن الضرر الناجم عنها، تأسيساً على أساس أنه كانت له، لدى سقوط المصيبة، الهيمنة الفعلية فوق منها. فقد أتى فيه أن الحكم المطعون فيه : ” وقد أصدر قرارا أن مالك العربة، لدى سقوط المصيبة كان، على أثر سلبها منه نتيجة الإستيلاء، بوضع يستحيل فوقه فيه أن يبتدأ فوق منها أي رقابة Surveillance ، فإنه يخلص من هذا أن ذلك المالك، وقد حظر من استخدام سيارته وتحديد وجهتها والرقابة فوقها، يكون قد كف عن أن تكون له حراستها، ولم يحتسب بالتالي خاضعاً لزوجة المسئولية المقررة بموجب المادة 1384 عبارة أولى مدني (فرنسي) “.
وبعد ذاك الحكم الضروري المهم، سكنت الموضوعات في دولة الجمهورية الفرنسية، فقهاً وقضاءً حتّى المقصود بالحراسة التي هي مناط تحديد صاحب المسئولية عن الضرر الناجم بتصرف الشيء هو الدفاع الفعلية garde de fait ، دون اعتداد في أعقاب ذاك بالحراسة التشريعية garde juridique وبالتالي فالعبرة هي بمن تكون له على الشيء الهيمنة الفعلية لدى سقوط الضرر، وسواء حتى الآن هذا أن تكون تلك الهيمنة مستندة إلي حق يقرره التشريع أم لا.
الحماية الفعلية :
والحراسة الفعلية، دون الشرعية، هي ما يلزم أن يعول أعلاها، أسفل واصل الدستور المصري. صحيح أن المادة 178 مدني مصري لم تفصح عن طبيعة تلك الحماية، مثلما لم يفصح عنها من قبل موضوع المادة 176 الذي تحدث عن المسئولية عن تصرف الحيوان، ولا موضوع المادة 177 الذي تحدث عن المسئولية عن وقوع الإنشاء. إلا أن ذاك لا يقدح في سلامة الإفتراض القائل بالتعويل على المسئولية الفعلية، دون الشرعية. فمن جهة، يعد الدستور الفرنسي، في الميدان الذي نحن بصدده، المنشأ التاريخي للقانون المصري. إذ أن المسئولية عن تأمين الموضوعات الخطرة، أسفل ظله قد استمدت من الدستور الفرنسي، في الزمان الذي كانت تسود فيه وجهة نظر الدفاع الفعلية. ومن جهة ثانية، نجد في الإجراءات التحضيرية للقانون المواطن المصري ما يؤيد ذاك المقترح(5)، فقد أجمع الفقه(6) في جمهورية مصر العربية بشكل فعلي إلى أن النموذج في الحماية، بكونها مناط تحديد المسئولية عن التلفيات الناجمة بتصرف الموضوعات، هي بالحراسة الفعلية، دون التشريعية. وعلى هذا سار القضاء المصري كذلكً في اطراد كامِل(7).
وهكذا نصبح قد انتهينا إلي أن المقصود بالحراسة الإيجابية للمسئولية عن الضرر الناتج عن الموضوعات، إعمالاً لحكم المادة 178 من قانوننا المواطن المصري، مثلما هو الموضوع كلياً في حضور الدستور الفرنسي، هو الدفاع الفعلية دون التشريعية.
[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 128 : 134 ].
حماية الموضوعات المستأجرة
المنشأ الغالب هو أن حماية الأمور المستأجرة تثبت للمستأجر، وليس للمؤجر، ما دام أن إتفاق مكتوب الإيجار قد تنفذ، بطبيعة الوضع. فالمستأجر، بعدما إستقبل الشيء، يشرع في فوق منه سلطات واسعة. فهو الذي يضطلع بـ استخدامه والانتفاع به. وهو في ذاك الاستخدام، سيد منفصل. وهكذا فالسيطرة على الشيء راسخة له، أثناء وجوده بين يديه.
وتستثنى، ذاك الحكم، الظرف التي يكون فيها استخدام الفرد للشيء حاصلاً أسفل إشراف صاحبه وتحديد وجهته وإشرافه، بطريق مباشر دقيق. وأهم مثال لذا موقف الفرد الذي يجيء، في ساحة الملاهي أو نحوها، ويمنح بندقياته للرواد، بهدف استخدامها في رض مقصد ينصبه لذا الغاية، على طريق اللهو أو التباري. فالعقد الذي يؤلف بين ذو المشروع وبين رواده، ولو كان أكثر قربا إلي أن يكون عقداً غير مسمى، سوى أنه يدنو إلي حاجز ضخم من إتفاق مكتوب الإيجار، أو هو يختلط به. وعلى أية حال، فحراسة البندقية هنا توجد لصاحب المشروع حتى وهي بين يدي المتباري، فبرغم أن ذاك الأخير يستخدم البندقية، بل استخدامه إياها يحصل تحت مراقبة ورقابة وتوجيه ذو المشروع، بطريق مباشر ودقيق. فالمظهر الغالب في إحكام القبضة على البندقية متين إذن لذلك الأخير.
أما في غير الوضعية التي يستخدم فيها المستأجر العين، أسفل الرقابة والرقابة والتوجيه من المؤجر، بطريق مباشر ودقيق، فإن تأمين تلك العين تجسد متينة للمستأجر.
وكأن مفتاح الموضوع يتمثل إذن، في تحديد ما لو أنه استخدام المستأجر للشيء يحدث أسفل الرقابة والرقابة والتوجيه المباشر والدقيق من المؤجر، أم أنه لا يكتسب ذاك النحو.
ولا صعوبة في الموضوع إذا ترك المستأجر يستخدم الشيء وحده، بعيداً عن مراقبة تقع من المؤجر يقوم بها، بشخصه أو من خلال واحد من تابعيه. فهنا تكون للمستأجر السلطة الفعلية كاملة على الشيء. وبالتالي فتثبت له حراسته.
لكن أن الحماية تثبت له هنا، كأصل عام، شاملة كل مكونات الشيء، وكل هيئات خارجية وجوده. حيث أن إتفاق مكتوب الإيجار يسمح بطبيعته للمستأجر الاحتمالية في أن يستخدم الشيء، استعمالاً حراً خالصاً، في حواجز القصد الذي أجر له من أجله. وبذلك يحمل على عاتقه مستأجر العربة، مثلاً، وهي بين يديه، بمثابته حارساً لها، بالمسئولية عن كل المضار الناجمة عنها، حتى هذه الناجمة عن نقص وخلل فيها، ولو أنه ذلك النقص والخلل خفياً، أو كامناً في ذات تنصيبها، أي في ماكينتها وغير ذاك من آلاتها وأجزائها الدقيقة الأخرى(8).
وبذلك نخلص إلي إن المستأجر يحتسب حارساً للشيء المؤجر، لو كان يستخدم الشيء وحده، بعيداً عن مراقبة من المؤجر، ولذا فيما يتعلق إلي كل التلفيات الناجمة عن الشيء حتى هذه التي تأتي نتيجة نقص وخلل فيه.
ولا يبدل من ذلك الحكم أن يكون المؤجر ملتزماً، بموجب الاتفاق المكتوب، بإصلاح الشيء. فالتزام المؤجر بالصيانة، فور نفسه، لا يكفي لإعلاء هيمنة المستأجر عن الشيء. لكن هو أكثر قربا إلي أن يكون دليلاً على قيام هذه الهيمنة له، مادام هو يستهدف تمكينه من أن ينتفع بالشيء على أنهى وجه. وعلى ذاك فالمستأجر هنا صاحب مسئولية، في لقاء الغير، عن كل التلفيات الناجمة عن الشيء، بمثابته حارساً إياه، حتى إذا كان ذاك الضرر حاصلاً جراء إخلال المؤجر بالتزامه بالصيانة(9).
ويسري ذلك الحكم، سواء أكانت العين المؤجرة منقولاً أو عقاراً. فمستأجر البيت أو المسكن أو الدكان أو الجراج، مثلاً، كمستأجر العربة، يعد حارساً للعين ولكل ما فيها، مع استثناء ما يكون منها خاضعاً للإشراف المباشر والدقيق للمالك أو لغيره. وايضا يعد مستأجر الحديقة أو البستان حارساً لما يبقى فيها من أشجار، ما دام يستهل أعلاها فعليا السلطات التي يخولها له تم عقده الإيجار.
– علماً بأن تحالف الشاغلين، يستأجر أعضائه العقار بكامله، وبذلك تكون له السيطرة على العقار بكامله، وعلى الأجزاء المعدة منها للاستعمال المشترك، وعلى قمتها المصعد.
[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 203 : 210 ].
وبما أن مالك العقار ( المؤجر ) قد أمان تحالف الشاغلين ( المستأجرين ) المصعد ووجّه إدارته واستعماله وصيانته دون رقابة منه أو مراقبة أو توجيه، وقد كان تحالف الشاغلين يستأثر بتلك السلطات وبكامل إحكام القبضة على المصعد، خلال الفترة التي حدث فيها الحادث، فيكون ذلك التحالف هو الحارس، فحيثما تكون الهيمنة، تكون الدفاع.
فمن المشاهد أنه في مثل هذه الوضعية، كحالات أخرى يقوم فيها مالك الشيء بتسليمه للغير لتصبح له الحرية كاملة في استخدامه، ولكي يستأثر بذاك الاستخدام لنفسه، خلال الفترة التي يبقى فيها ذلك الشيء بين يديه. وأمثال تلك الحالات وفيرة نذكر منها، العربة التي تضعها الجمهورية، أسفل إجراء واحد من كبار موظفيها أو ضيوفها لاستعماله الشخصي، وإذا كان من شأن ذلك الاستخدام أن يرجع بالنفع على البلد ذاتها. ومثال تلك الوضعية أيضاً الدكتور أو الجراح أو من في حكمهما، الذي تحط الجمهورية أو المركز صحي بين يديه الأدوات الجراحية والأجهزة الطبية، تاركة له وحده السيطرة الفعلية فوقها. هنا ايضاًًً تثبت الحماية لمن يكون الشيء بين يديه، لأن له الهيمنة الفعلية أعلاه. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 140 ].
مع التنفيذ في الاعتبار أن تأمين، الشيء الشخص، وفق المنبع، لا تكون، في الزمن الشخص، سوى لشخص شخص ( أو طرف شخص ). ولذا مقتضى القاعدة التي تقول بأن : ” الحماية تتغير ولا تتجمع – la garde est alternative et non cumultative “. ومعنى ذاك أن الحماية تنتقل(عشرة) من فرد إلي فرد ( أو من طرف إلي طرف )، ولا تكون، في الزمان الشخص، لأكثر من فرد ( أو لأكثر من طرف ). [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 147 ].
تلك هي واحدة من النُّظُم اللازمة التي تحكم انتقال الدفاع : فالحراسة، في انتقالها، تتحول إلا أنها لا تتجمع. وهي قاعدة منطقية، تتفق كلياً مع مدلول الدفاع. فالحراسة، مثلما نعلم، هي الهيمنة الفعلية على الشيء. ولا يتخيل أن يكون على الشيء الفرد، في الزمان الفرد، سوى هيمنة واحدة. لأن الهيمنة تقتضي بذاتها الاستئثار بالشيء. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 171 ].
وغني عن الخطبة أن القدوة هي بمن تكون له تأمين الشيء، وقت إحداثه الضرر. فالشخص الذي يحمل على عاتقه بالمسئولية، تأسيساً على تأمين شئ معين، هو بالضرورة ذلك الذي تكون له حراسته، لدى سقوط الأذى منه. فهذه المسئولية لا تثقل من كانت له حماية الشيء، بوقت غادر، وإن قصر. وهي أيضا لا تثقل من تئول إليه، هذه الحماية، بوقت تال، وإن قرب. والمسألة فيما يتعلق إلي تحديد من تكون له حماية الشيء لدى سقوط الضرر منه، هي من في أعقاب قضية إثبات. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 162 ].
إثبات الحماية
لأجل أن يحمل على عاتقه فرد ما بالمسئولية عن الضرر الناتج عن إجراء شئ محدد، ينبغي أن تكون له الدفاع أعلاه، وقت المصيبة. فعلى من يحدث جهد إثبات تلك الموقف؟ وكيف يشطب؟
لا صعوبة في تحديد الواحد الذي يحمل على عاتقه بعبء إثبات قيام حماية الشيء للمدعى فوقه وقت الكارثة. فهو المدعي، إعمالاً للقواعد العامة في الإثبات، التي تمُر بأن البينة على من ادعى.
وايضاً لا تبقى صعوبة ما في طريقة حصول الإثبات. فلكونه يرتبط بواقعة نقدية، هي حضور الهيمنة الفعلية للمدعى فوقه وقت سقوط النكبة، فهو يشطب بكافة أساليب الإثبات، بما فيها حيثيات الظروف. لكن أن الحيثيات هنا تلعب دوراً هاماً وأساسياً.
المدعين لم يثبتوا أن وقت سقوط المصيبة كان المصعد في حماية المصلحة حيث لم تكن لها الهيمنة الفعلية أعلاه، مثلما أن الإدارة قد أثبتت حضور تلك الهيمنة لاتحاد الشاغلين. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 195 ].
التطبيق :
وبتطبيق كل النُّظُم الشرعية المتطورة، على وقائع الطعن الماثل، مثلما شرحناه لعدالتكم بصدر جرنال الطعن الماثل، نجد أن :
1- الحكم المطعون فيه، الذي رضي حكم محكمة أول درجة، قد أصبغا سمة الحماية على مصعد العمارة، على الطاعن بكونه، لا لشىء سوى لأنه يكون مالكاً له، وذلك غير دقيق في تنفيذ التشريع، لكون الحماية تثبت يقيناً لاغير لمن له السيطرة والهيمنة الفعلية على الشيء بما يسمح له سلط الاستخدام والتوجيه والرقابة وسلطة إنتاج التعليمات بصدده، وبغض البصر عما إذا كانت هذه السيطرة والهيمنة الفعلية تستند إلي دافع شرعي أم لا.
2- الحكم المطعون فيه، الذي رضي حكم محكمة أول درجة، قد رفضا دهانات سمة الحماية على مصعد العمارة، لرئيس مجلس مصلحة العمارة، لا لشيء سوى لأن رئيس مجلس الهيئة ليس مالكاً للعمارة وإنما هو مختار من ضمن قاطنين العمارة فحسب وليس من قِلكن جمعية الأوقاف أو محدد بشكل رسميً في تأدية مأمورية. وذلك غير صحيح في تنفيذ التشريع، فكما ذكرنا أكثر من مرة، أن الدفاع تثبت يقيناً فحسب لمن له السيطرة والهيمنة الفعلية على الشيء بما يجيز له سلط الاستخدام والتوجيه والرقابة وسلطة إنتاج التعليمات بصدده، وبغض البصر عما إذا كانت هذه السيطرة والهيمنة الفعلية تستند إلي علة تشريعي أم لا.
3- أن تحالف الشاغلين، يستأجر أعضائه العقار بكامله، وهكذا تكون له السيطرة على العقار بكامله، وعلى الأجزاء المعدة منها للاستعمال المشترك، وعلى قمتها المصعد. ولا يبدل من ذاك الحكم أن يكون المؤجر ملتزماً، بموجب الاتفاق المكتوب، بإصلاح الشيء. حتى لو أنه ذلك الضرر حاصلاً نتيجة لـ إخلال المؤجر بالتزامه بالصيانة. وبما أن مالك العقار ( المؤجر ) قد سلام تحالف الشاغلين ( المستأجرين ) المصعد وقضى إدارته واستعماله وصيانته دون مراقبة منه أو إشراف في الحال ودقيقة، وقد كان تحالف الشاغلين يستأثر بتلك السلطات وبكامل إحكام القبضة على المصعد، أثناء الفترة التي حدث فيها الحادث، فيكون ذاك التحالف هو الحارس، فحيثما تكون الهيمنة، تكون الدفاع.
4- النُّظُم العامة في الإثبات، تمُر بأن البينة على من ادعى. المدعين لم يثبتوا أن وقت سقوط الكارثة كان المصعد في حماية المصلحة حيث لم تكن لها الهيمنة الفعلية فوق منه.
5- ولكون حماية رئيس مجلس منفعة العمارة يرتبط بواقعة نقدية، هي حضور الهيمنة الفعلية له وقت سقوط المصيبة، فهو يكمل بكافة أساليب الإثبات، بما فيها حيثيات الظروف. لكن أن الحيثيات هنا تلعب دوراً هاماً وأساسياً. ومنفعة الأوقاف قد أثبتت حضور تلك الهيمنة لاتحاد الشاغلين، كالتالي :
a- صورة طبق المصدر من كتاب الأستاذ/ مثلما الدين حسين المحامي بكونه رئيس مجلس مصلحة المجمع السكني، الرقيم 724 والمؤرخ 27/9/1994، وانطوى أن مجلس الهيئة للمجمع السكني له السيطرة على العمال وتصليح المصعد.
b- صورة طبق المنبع من محضر مجلس منفعة المجمع السكني عن عام 1993 والذي يفيد أن مجلس هيئة المجمع السكني هو ما يقوم بالإشراف على المصاعد وتعيين عمال المصاعد ومتابعتهم والإشراف عليهم، وصرف رواتبهم.
c- وأعلاه تكون قد ثبتت انتساب عامل المصعد لمجلس مصلحة العمارة، وبذلك تثبت سلطة المراقبة على المصعد لمجلس مصلحة العمارة، لا سيما وأن الثابت من الأوراق (المودعة بملف الدعوى)، أن عامل المصعد، الذي حدث به الحادث، واسمه/ مجدي حلمي محمد محمود، قد شهد وقرر في محضر تقصي قوات الأمن الذي أجرته بمجرد سقوط الحادث، رداً على أحد الأسئلة محقق أجهزة الأمن: ومن صاحب المسئولية عن منفعة مصاعد عمارة الأوقاف؟ أجاب عامل المصعد : صاحب مسئولية عن المصاعد مجلس مصلحة العمارة. (أنظر محضر التحري ص 4). وأيضا أجاب العامل الـ2، واسمه/ صبري سعداوي هدية سعداوي، رداً على أحد الأسئلة محقق أجهزة الأمن: ومن صاحب المسئولية عن مصلحة تلك المصاعد؟ أجاب عامل المصعد : هو مجلس مصلحة العمارة يرأسه الأستاذ/ كمال الدين حسين المحامي وساكن في نفس العمارة. ( أنظر محضر التحري ص 7 ).
d- مثلما شهد واحد من مستأجري وحدات المجمع السكني (السيد/ حافظ عبد النبي رزق)، خلال التقصي الذي أجرته محكمة أول درجة، بأن : ” العمارة بها مجلس منفعة هو المتولي مسئولية الأسانسير “.
* فالبينة وقرائن الظروف، تبرهن أن الهيمنة الفعلية على المصعد، هي لمجلس هيئة العمارة، الذي له على المصعد سلطة الرقابة والتوجيه والرقابة، أي هو الحارس له، ومن ثم هو صاحب المسئولية عن المضار الناجمة عنه. وحيث لم يعتد الحكم المطعون فيه بتلك الحيثيات كأدلة يجوز الإثبات بها أن الحماية هي لرئيس مجلس منفعة العمارة، وليس لهيئة الأوقاف المالكة، فإنه يكون قد أخطأ في تنفيذ التشريع. حيث أن الإثبات بالقرائن ممكن في الأحداث المالية.
إلتماس تعطيل الأخذ :
وبما أن الحكم المطعون فيه مرجح نقضه لما انطوى فوق منه من بطلان للخطأ في تنفيذ الدستور، وقد كان يترتب على تطبيقه نتائج يتعذر تداركها، فإن الطاعن بكونه يلتمس الحكم بإنهاء تطبيق الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في الطعن بالنقض.
الطلبات
لجميع ما توفر، ولما سيبديه الطاعن من ذروته دفاعه الشفهي والمكتوب، ولما تتفرج عليه عدالة المحكمة من عوامل أصوب وأرشد، يلتمس الطاعن بكونه من عدالة المحكمة :
أولاً – تحديد جلسة فورية لنظر مناشدة إيقاف الأخذ مؤقتاً، والحكم بإنهاء تأدية الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في الطعن بالنقض.
ثانياً – 1- موافقة الطعن شكلاً.
2- وفي الأمر بنقض الحكم المطعون فيه – الصادر في الاستئنافين رقمي 349 و 397 لعام 34 قضائية – وإرجاع الاستئنافين إلي محكمة استئناف بني سويف (مهمة الفيوم) لتفصل في الاستئنافين الصادر فيهما الحكم المطعون فيه بدائرة أخرى غير الدائرة التي نشرت الحكم المطعون فيه، مع إنفاذ المطعون تجاههم بالمصروفات ومقابل مشقات المحاماة.
مع إستظهار مختلَف حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،
أشرف رشوان
المحامي بالنقض
(1) مثلما أسسوا دعواهم كذلكً على سقوط غير دقيق شخصي من الابن، وهو خاضع لرقابة أبيه نتيجة لـ قصره، اعتباراً بأنه أهمل في الإشـراف علـى العربة، على صوب مكن للسرقة من أن تقع.
(2) أنظر استئناف Nancy عشرة يوليه 1931، منشور في دالوز 1936-1-81 أسفل حكم النقض المواطن 3 آذار 1936. ومنشور ايضاً في Gaz. Pal. 1131-2-779.
(3) أنظر استئناف Besancon 25 شباط 1937، سيري 1937-2-97 مع تعليق Durand وهو منشور كذلكً في D.H. 1937 ص 182، وفي Gaz. Pal. 1937-1-499. وقد أتى ذلك الحكم متضمناً قرائن طويلة، إلا أنها مسببة تسبيباً رائعاً. فقد انتفع بكثرةً من ملاحظات الأستاذ H. Capitant التي أوردها، في نقده حكم النقض في دائرتها المدنية الصادر في 3 آذار 1936، والذي سبقت الدلالة إليه. وقد أتى في ذلك الحكم : ” إذ أن حماية الشيء، بموجب ذات تعريفها، تقوم على مناسبة المحافظة والإشراف فوقه، فإن طابَع الحارس للشيء تصعد إذن عن الواحد الذي بات الرقابة على الشيء، فيما يتعلق إليه، مستحيلاً استحالة مطلقة… وأنه ينتج عن هذا أن المالك أو الحائز أو المحرز شيء ما، فور أن يخسر سلطة الرقابة فوق منه بشخصه أو بأحد إتباعه، يخسر حراسته… “.
(4) وهو منشور في D.C. 1942 ص 25 مع توثيق la garde وتعليق Riper ، وفي سيري 1941-1-217 مع تعليق H. M. Zeaud ،
وفي Gaz. Pal. 1942-2-297.
(5) مجموعة الأفعال التحضيرية للقانون المواطن المصري، جـ 2 ص 434.
(6) أنظر : السنهوري، الوسيط جـ 2 نبذة 716. حشمت أبو ستيت، نظرية الالتزام، نبذة 552. عبد المنعم الصده، الأصول غير الإرادية
للالتزام، نبذة 127و132و140. عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام، جـ 2 – ص 552. وأنظر بشكل خاص : محمد لبيب
شنب، برقية دكتوراه واجهة لجامعة العاصمة المصرية القاهرة، تحت عنوان ” المسئولية عن الأمور “، نبذة ستين وحواشيها.
(7) أنظر : نقـض مصـري مدنـي 25 آذار 1965 ، مجموعة أحكام النقض س 19 رقم 62 ص 396 ، وقد أتى في ذلك الحكم أن :
” الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه في معنى المادة 178 مدني ، هو الواحد الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السلطة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً “.. مثلما أتى فيه ايضاًًً أن : ” القدوة في قيام الحماية الإيجابية للمسئولية في ما يتعلق بـ الخطأ الفرضي هي بسيطرة الواحد على الشيء هيمنة فعلية لحساب ذاته “. وأنظر أيضاً : نقض مدني 31/12/1974 في الطعن رقم 543 لعام 39 قضائية ، بمجموعة أحكام النقض س 25 ص 1557 رقم 563 وقد أتى في ذلك الحكم : ” الحماية الغير سلبية للمسئولية في ما يتعلق بـ الخطأ النظري طبقاً للمادة 178 من التشريع المواطن إنما تتحقق بسيطرة الواحد على الشيء هيمنة فعلية في الاستخدام والتوجيه والرقابة لحساب ذاته “. وأنظر ايضا : نقض مدني 1/3/1977 في الطعن رقم 538 لعام 43 قضائية ، مجموعة أحكام النقض س 28 ص 519 . ونقض مدني في 25/4/1978 =
= في الطعن رقم 149 لعام 44 قضائية ، مجموعة أحكام النقض س 29 ص 1094 رقم 215. وأنظر في نفس الوجهة : استئناف الكويت تجاري 13/12/1970.
(8) والمستأجر، عقب ذاك، وشأنه مع المؤجر. فله أن يعود أعلاه، تأسيساً على إتفاق مكتوب الإيجار، بدعوى ضمان النقص والخلل الخفي، إذا توافرت شروطها.
(9) والمستأجر، في أعقاب ذاك، وشأنه مع المؤجر، حيث له أن يعود فوقه بدعوى المسئولية الناشئة عن إخلاله بالتزامه.
(عشرة) وقد يحصل ذلك الانتقال برضاء الحارس البالي. مثلما أنه قد يحصل بغير رضاءه، بعلمه أو بغير علمه. فرضاء الحارس بأن تنتقل الحراسـة عنه إلي
غيره ليس بذي اعتبار. فمناط انتقال الحماية هو انتقال الهيمنة الفعلية على الشيء بمجرده ونفسه. فحالما تئول هذه السيطـرة الفعلية إلي
واحد غير ذلك الذي كانت له في المصدر، تنتقل الحماية إليه، بغض البصر عما لو كان الحارس السحيق راغباً في ذاك، أم غير راغب، عالماً به أم
غير عالم. ومرجع ذاك كله إلي أن الحماية، بمثابها أساس المسئولية عن إجراء الأمور، هي من عمل التشريع وليست من عمل الأشخاص.
والقانون يقيمها على موقف نقدية متمثلة في بحت الهيمنة الفعلية على الشيء. فهي كائنة حيثما تكون هذه الهيمنة، وتنتقل حيثما تنتقل. [ د. عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 162 ].
n وانتقال الدفاع، برضاء صاحبها، إلي واحد غيره، يكمل نتيجة فعل تشريعي. وقد يكون ذلك الفعل التشريعي بإرادة الحارس البالي وحده، مثلما هو الشأن في الوصية. وقد يكون نتيجة توافق إرادة الحارس السحيق مع إرادة فرد أحدث يصير حارساً مقره، مثلما هو الوضع في البيع أو الإيجار أو العارية أو الوديعة أو صوب ذاك.
n وانتقال الدفاع، بغير رضاء الحارس البالي، قد يأتي نتيجة حجة شرعي مشروع، مثلما هي الوضع في الميراث ونزع الثروة أو الاستيلاء المؤقت للمنفعة العامة. مثلما أنه قد يأتي نتيجة مناسبة غير قانونية، أو حتى آثمة، مثلما إذا سرقت العربة من صاحبها، أو هرب بها سائقها، متنكراً لسلطة مخدومه فوق منها ومستأثراً بها دونه. [ د. عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 164 ].
Originally posted 2021-12-02 19:18:03.