أولاً- الأحداث
تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي فيها تم عقده الخصومة فيها بمقتضى جرنال، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/8/2010 مناشدة في ختامها الحكم له: “أولاً- بقبول الطعن شكلاً. ثانياً- وبصفة مستعجلة: بتعطيل تطبيق المرسوم المطعون فيه رقم 523 لعام 2010، لحين الفصل في مقال الطعن بحكم ختامي وأصبح. ثالثاً- وفي الأمر: بإلغاء المرسوم المطعون فيه رقم 523 لعام 2010، وعدم الاعتداد به في مؤتمر المدعي، مع محو ما يترتب على ذاك من آثار. مع فرض المنحى الإدارية بالمصاريف والأتعاب، مع الحكم بأداء الحكم بمسودته وبدون إشعار علني، وهذا بحكم مشمول بالنفاذ المعجل من دون كفالة”.
وصرح المدعي شرحاً لدعواه إنه لديه – على حاجز زعمه – مبنى التساقط بمقتضى إتفاق مكتوب بيع ابتدائي ممن يطلق عليه/ هدية محي الدين بسيوني، وحيث عرضت منظمة الأوقاف المصرية قرارها المطعون فيه بإزالة التعدي الواقع منه على مبنى التساقط، وحيث يشير إلى المدعى على ذاك الأمر التنظيمي بمخالفته للقانون الأساسي وعدم المشروعية وانعدام ركن الدافع فيه (على حاجز زعمه)، الأمر الذي حدا به إلى مورد رزق دعواه الماثلة لِكَي القضاء له بطلباته سالفة الذكر.
ثانياً- الحماية
واجهة ضرورية:
بما أن الثابت بالأوراق، وبالمستندات الواجهة من جمعية الأوقاف المصرية، أن قطعة الأرض متجر الصراع الماثل مملوكة لجهة الوقف الخيري الذي تديره (وتتصرف فيه وتستثمره) منظمة الأوقاف المصرية نيابة عن وزاة الوقف الإسلامي (طبقاً لقانون إستحداث جمعية الأوقاف المصرية رقم ثمانين لعام 1971).
وبمقتضى لائحة محددات وقواعد استبدال (بيع) أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة في 29/7/1978م، صادرة من ممنهجة الأوقاف المصرية (كبائعة)، وموقع فوق منها من السيد/ منحة محي الدين بسيوني (كمشتري)، اشترى المنوه عنه بموجبه قطعة أرض زراعية مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان فرد وقيراطان وسبعة أسهم) تعادل 4005م2 (أربعة آلاف وخمسة أمتار مربعة)، كائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – القاهرة عاصمة مصر، مواجهة سعر مجمل قدره ــ/180.050جم (100 وثمانون 1000 وخمسون جنيهاً).
وحيث تقاعس المشتري (السيد/ منحة محي الدين بسيوني) عن دفع تكلفة دفعات مجدولة تكلفة الأرض المبيعة، الأمر الذي حدا بهيئة الأوقاف المصرية إلى مورد رزق الدعوى رقم 15669 لعام 1996 إيجارات مجمل في جنوب القاهرة عاصمة مصر، مقابل المشتري منها (أسبق الذكر) كي القضاء لها: “أولاً: بفسخ لائحة محددات وقواعد استبدال أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة 29/7/1978 عن مكان الأرض الزراعية البالغ مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان فرد وقيراطان وسبعة أسهم) الكائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – العاصمة المصرية القاهرة. ثانياً: بإخراج ذلك القدر من الدفاع المفروضة على المشتري من خلال المشتبه به الـ2 بوصفه (السيد المستشار/ المدعي العام الاشتراكي بكونه) وتسليم تلك المنطقة لهيئة الأوقاف المصرية بالحالة التي كانت أعلاها لدى التعاقد. مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل من دون كفالة”.
وتداولت الدعوى رقم 15669 لعام 1996 إيجارات إجمالي في جنوب العاصمة المصرية القاهرة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 27/12/1997 عرضت الدائرة 23 إيجارات بمحكمة في جنوب القاهرة عاصمة مصر الإجمالية حكمها الذي جرى منطوقه كالتالي: “أولاً: بعدم رضى الدعوى لرفعها على غير ذي سمة فيما يتعلق للمدعى فوق منه الـ2 بكونه (السيد المستشار/ المدعي العام الاشتراكي بكونه). ثانياً: بفسخ لائحة محددات وقواعد استبدال أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة 29/7/1978 الصادر لأجل صالح المتهم الأكبر (السيد/ منحة محي الدين بسيوني) عن منطقة الأرض الزراعية الموضحة بصحيفة الدعوى، وألزمت المشتبه به الأضخم بالمصاريف وعشرة جنيهات بنظير جهود المحاماة، ورفضت ما عدا هذا من طلبات”. وقد صار ذلك الحكم ختامي بمرور مواقيت الطعن وعدم الطعن فوقه بطريق الاستئناف، وهكذا ولقد حاز قوة وحجية الموضوع المقضي به.
حجية الحكم الختامي القاضي بفسخ لائحة محددات وقواعد الصرف (البيع) لعين الكفاح في مؤتمر المدعي في الدعوى الماثلة:
بما أن ما تتيح، وقد كان المدعي في الدعوى الماثلة هو وراء خاص للبائع له (الضيف/ هدية محي الدين بسيوني – المشتري بدوره من جمعية الأوقاف المصرية “المطعون تجاهها الأولى”)، إذ إن المدعي في الدعوى الماثلة اشترى من سلفه قسم من الأرض المبيعة لذا الأخير من منظمة الأوقاف المصرية، وإذ إن المدعي في الدعوى الماثلة لم يسجل إتفاق مكتوب شرائه من سلفه، وهكذا فالمدعي يُعد عوضاً خاصاً للبائع له، وبذلك يكون الحكم الصادر في مواجهة صاحب المتجر (النزيل/ هدية محي الدين بسيوني) بفسخ تم عقده شرائه من ممنهجة الأوقاف المصرية نافذاً ويمتلك حجية وقوة الموضوع المقضي فيما يتعلق إلى المدعي في الدعوى الماثلة.
إذ إنه من المعتزم قانوناً أن:
“المشتري الذي لم يسجل تم عقده شرائه، يعد دائناً عادياً للبائع، وبذلك يحاج المشتري بالأحكام التي تصدر مقابل التاجر مرتبطة بالعقار المبيع. حيث أن القرارات ليست مبرر على الأعداء فيها ليس إلا، وإنما هي مبرر ايضاً على خلفهم العام. مثلما إنها علة على الخلف المختص شريطة أن يكون الحكم متعلقاً بالعين التي انتقلت إلى الخلف المختص وأن تكون الدعوى التي صدر فيها الحكم قد رفعت قبل انتقال العين إلى الخلف المختص (بتسجيل إتفاق مكتوب البيع)”.
(لطفاً، المرجع: “الوسيط في فسر الدستور المواطن” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأضخم – المجلد الـ2 – طبعة 2006 – عبارة 366 – صـ 618).
ومن المُعزم في قضاء النقض أن:
“الحكم الذي يأتي ذلك مقابل التاجر بينما يقوم بصدد المبنى المبيع من كفاح يُعتبر – وعلى ما جرى به قضاء تلك المحكمة – علة على المُشتري الذي لم يكن قد لائحة تم عقده شرائه لدى صدوره في ما يتعلق بـ أن المُشتري يُعتبر مُمثلاً في واحد التاجر له في هذه الدعوى المُقامة تجاهه وأنه وراء خاص له”.
(الطعن رقم 2555 لعام 52 قضائية – جلسة 7/3/1984. مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – الجزء الأضخم – صـ 630).
ومن المُعزم في قضاء النقض ايضاً، أن:
“القرارات الصادرة في لقاء السلف تكون مبرر على الخلف فيما يتعلق الحق الذي تلقاه منه إذا صدرت قبل انتقال الحق إلى الخلف واكتسابه الحق أعلاه، أما إذا صدر الحكم فيها عقب هذا فإنه – وعلى ما جرى به قضاء تلك المحكمة – لا يتخطى أثره ولا تطول حجيته إلى الخلف المخصص فيُعتبر من الغير فيما يتعلق له”.
(نقض مدني في الطعن رقم 2049 لعام 53 قضائية – جلسة 12/2/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – الجزء الأضخم – صـ 228.
ونقض مدني في الطعنين رقمي 2508 و 2526 لعام 52 قضائية – جلسة 8/5/1986).
الأثر الناجم عن الفسخ:
لما كانت المادة 160 من الدستور المواطن منصوص بها على أنه:
“إذا فُسِخَ الاتفاق المكتوب أُعيدَ المُتعاقدان إلى الوضعية التي كانا فوق منها قبل الاتفاق المكتوب، فإذا استحال ذاك جاز الحكم بالتعويض”.
وقد كان من المُعزم في قضاء النقض أن:
“الموضوع في المادة 160 من الدستور المواطن يدل – وعلى ما جرى به قضاء تلك المحكمة – على أساس أنه يترتب على فسخ إتفاق مكتوب البيع انحلال الاتفاق المكتوب بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث ترجع العين المبيعة إلى صاحب التجارة – بالحالة التي كانت فوقها وقت التعاقد”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1458 لعام 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).
وهدياً بما تتيح، وبالبناء أعلاه، فإنه يترتب على صدور الحكم الختامي في مواجهة المشتري الأصلي (صاحب التجارة للمدعي في الدعوى الماثلة) بفسخ تم عقده شرائه من الأوقاف، وقد كان ذاك الحكم سبب على المدعي في الدعوى الماثلة إذ إنه لم يسجل إتفاق مكتوب شرائه قبل صدور حكم الفسخ (على صوب ما سلف تصريحه)، فإنه يترتب على هذا الفسخ الذي هو سبب على المدعي أن يعاد جميع الأطراف إلى الموقف التي كانوا أعلاها قبل التعاقد، وبالتالي تكون مال أرض التساقط لا تزال قانوناً لهيئة الأوقاف المصرية دون المدعي، إذ إن ثروة هذه الأرض لم تنتقل لا إلى المشتري من جمعية الأوقاف ولا إلى المدعي في الدعوى الماثلة (المشتري من المشتري من جمعية الأوقاف) لأنهما كلاهما لم يسجل تم عقده شرائه، ومن الواضح أن الثروة في المنشآت لا تنتقل لا بين ذوي المسألة ولا فيما يتعلق إلى الغير سوى بالتسجيل استناداً لقانون الشهر العقاري والتوثيق، وهكذا يتواصل ملك هذه الأرض لهيئة الأوقاف المصرية المالكة الحكومية والمستدامة والحالية.
تحريم التعدي أو وحط اليد على الأوقاف الخيرية، وحجب اكتساب أي حق فوقها بالتقادم، وإجازة التعدي الواقع أعلاها بالطريق الإداري:
بما أن ما تمنح، وقد كان المشرع قد تحريم التعدي أو وحط اليد على أملاك الأوقاف الخيرية، مثلما حظر اكتساب أي حق عيني على الأوقاف الخيرية بالتقادم، لكن ومنح المشرع للأوقاف الخيرية سلطة محو التعدي أو وحط اليد على أملاكها بالطريق الإداري، طبقاً لصريح موضوع المادة 970 من الدستور المواطن.
إذ تنص المادة 970/2 و 3 من الدستور المواطن على أساس أنه:
“لا يمكن عندها الممتلكات المختصة المملوكة للبلد أو للأفراد الاعتبارية العامة وايضاً مبلغ مالي الوحدات الاستثمارية الموالية للشركات العامة أو للهيئات العامة وشركات المؤسسات الحكومية غير الموالية لأيهما والأوقاف الخيرية أو ربح أي حق عيني على تلك الممتلكات بالتقادم.
ولا يمكن التعدي على الثروات المذكورة بالفقرة الماضية وفى ظرف حصول التعدي يكون للوزير الخاص حق إزاحته إدارياً”.
ومن المدرج بالجدول في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه:
“وإذ أن المادة 970 من الدستور المواطن المعدلة بالقوانين أرقام 147 لعام 1957، و 309 لعام 1959 و 55 لعام 1970 منصوص بها على أنه “… لا يمكن التعدي على الممتلكات المنوه عنها بالفقرة الفائتة، وفي ظرف حصول التعدي يكون للوزير الخاص إزاحته إدارياً”، ومؤدى ذلك الموضوع، بالأخذ في الإعتبار المذكرات الإيضاحية لتعديلاته، أنه اهتمام لكثرة سقوط حالات الإدعاء بالملكية وحوادث التعدي على أملاك إدارة الدولة أو الشخصيات الاعتبارية العامة أو الوحدات الاستثمارية الموالية لأي من تلك الشخصيات العامة وأيضا مؤسسات المؤسسات الحكومية وجهات الوقف الخيري، خسر اقتضى المسألة إضفاء حراسة خاصة على هذه الثروات في مقابلة جميع من التقادم الانتصار للغير والتعدي، ولذا نأياً بها عن ميدان تملكها أو فاز أي حق عيني أعلاها بالتقادم من خلال وحط اليد فوق منها، وتأميناً لها من عدم أمان التعدي فوق منها بحيث إذا حدث مثل ذلك التعدي كان من حق الجانب الإدارية الخاصة إزاحته بالطريق الإداري. ومن إذ أنه يؤخذ الأمر الذي تمنح أن المشرع لم يشأ أن يقصر حمايته للأموال المختصة المملوكة للجمهورية ولجهات الوقف الخيري وغيرها من الجهات التي قام بتحديدها في الموضوع المنوه عنه، على بحت منع لديها تلك الثروات أو فاز أي حق عيني أعلاها بالتقادم، وإنما بسط تلك الحراسة لتشتمل على تجريم أي تعد فوقها، وأعطى وفي نفس الوقت الجهات المنوه عنها حق صرف ذاك التعدي ورده بإزالته إدارياً وهذا تفادياً لدخولها مع واضعي اليد من المعتدين في إدعاءات ومنازعات إذا ما ترك وجّه حمد الإزاحة لجهات القضاء، وغير أحس بالخوف ما يستغرقه الفصل في تلك الإشكالات من وقت وجهد يعوق هذه الثروات عن تأدية الدور السياسي المنوط بها في مساندة الاستثمار القومي ويغل يد الهيئة عن استغلالها وتأدية مشروعاتها”.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 234 و 240 لعام 25 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 21/6/1980، مجموعة العشر أعوام – جـ1 – صـ 625.
وفي الطعن رقم 682 لعام 31 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 14/1/1989 – السنة 34 – صـ 432.
وفي الطعن رقم 864 لعام 28 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 28/12/1985 – السنة ثلاثين – صـ 45.
وفي الطعن رقم 1246 لعام 29 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 17/1/1987 – السنة 32 – صـ 654).
ذلك، وقد تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أساس أنه:
“ومن إذ أنه باستقراء المادة 970 من الدستور المواطن، المعدلة بالقوانين أرقام 147 لعام 1957، و 309 لعام 1959، و 55 لعام 1970، على هدى من المذكرات الإيضاحية، يبين أن المشرع بسط الحراسة على الثروات المخصصة المملوكة للبلد أو للشخصيات الاعتبارية العامة، سواء بحظره تملكها أو ربح حق عيني أعلاها بالتقادم، أو بتجريمه التعدي أعلاها، أو بتخويله الجانب الإدارية المقصودة سلطة إزاحة ذاك التعدي إدارياً، دون عوز إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في إدعاءات غيرها. فلا يعوق سلطتها في محو التعدي محض منازعة واضع اليد أو مجرد ادعائه فعلاً لنفسه أو مورد رزقه دعوى بهذا في مواجهة القضاء المواطن، ما دام أن عند الجانب الإدارية ملفات أو دلائل جادة بحقها، وهو الذي يخضع لرقابة القضاء الإداري لدى بحثه شرعية المرسوم الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في نص المال أو الحق المتنازع فوق منه حتى يفحص الملفات ويفحص الأوراق الواجهة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه لدى التأكد من صحة ذاك المرسوم وخصوصا قيامه على سببه التبرير له قانوناً المستمد من دلائل ودلائل جادة”.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1336 لعام ثلاثين قضائية “إدارية عليا” – جلسة 7/11/1987 – السنة 33 – صـ 154).
اختصاص ممنهجة الأوقاف المصرية بإصدار مراسيم الإزاحة:
ذاك، ومن المُأصدر قرارا في قضاء النقض أن:
“المادة الأولى من التشريع رقم ثمانين لسنه 1971 بتشكيل منظمة الأوقاف المصرية – المشرع أنشأ ممنهجة الأوقاف المصرية بموجب ذلك التشريع وخولها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار نقود الأوقاف الخيرية والتصرف فيها – أساس هذا – اعتبارها نائبا عن وزير الأوقاف بوصفه ناظر إنهاء. إزاحة التعدي على الأوقاف الخيرية – شروطها – توافر عوامل ودواعي استخدامها كوجود اعتداء بديهي على هذه الممتلكات أو تجربة غصبها من دون حجة شرعي – ممنهجة الأوقاف المصرية هي صاحبة الاختصاص في إلغاء ذاك التعدي – أساس هذا – أنها الملكة والمسئولة عن هيئة تلك الأراضي وهكذا متخصصة بالمحافظة فوقها”.
(نقض مدني في الطعن رقم 3927 لعام 73 قضائية – جلسة ثلاثين/1/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 693).
وبتطبيق كل هذه النُّظُم الشرعية سالفة الذكر على وقائع الدعوى الماثلة يظهر جلياً لعدالة المحكمة الموقرة أن عين مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وأن إتفاق مكتوب بيعها لسلف المدعي في الدعوى الماثلة قد تم فسخه لإخلاله ببنود الاتفاق المكتوب، وأن حكم الفسخ يمتلك الحجية مقابل المدعي في الدعوى الماثلة بصفته وراء خاص للبائع له لعدم تسجيله تم عقده شرائه منه قبل (أو حتى في أعقاب) صدور حكم الفسخ، وإنه يترتب على الفسخ إسترداد المتعاقدين (وخلفهم العام والخاص) إلى الوضعية التي كانوا فوقها قبل التعاقد، وبذلك تستمر مال عين السقوط وطيدة لهيئة الأوقاف المصرية دون منازع، وأن المشرع قد تجريم التعدي أو وحط اليد على أعيان الأوقاف الخيرية مثلما تحريم اكتساب أي حق عيني فوقها بالتقادم، وأجاز لهيئة الأوقاف المصرية سلطة إزاحة هذا التعدي (أو وحط اليد الذي لا يستند إلى مبرر تشريعي يبرره في مؤتمر الأوقاف) بالطريق الإداري، دون عوز إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في إدعاءات غيرها. وقد كان من المُأصدر قرارا قانوناً – على صوب ما سلف إخطاره – أنه لا يعوق سلطة المنحى الإدارية في إلغاء التعدي بحت منازعة واضع اليد أو مجرد ادعائه فعلاً لنفسه أو مورد رزقه دعوى بهذا في مواجهة القضاء المواطن، ما دام أن عند الجانب الإدارية ملفات أو دلائل جادة بحقها، وهو الذي يخضع لرقابة القضاء الإداري لدى بحثه شرعية المرسوم الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في نص المال أو الحق المتنازع فوق منه حين يفحص الوثائق ويمحص الأوراق الجانب الأمامي من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه لدى التأكد من صحة ذاك المرسوم وخصوصا قيامه على سببه السبب له قانوناً المستمد من دلائل ودلائل جادة. وبما أن كل هذا متوافر ومتحقق في موقف دعوانا الماثلة بما مفاده أن الدعوى الماثلة قد أتى على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح الدستور جديرة بالرفض، وهو الذي تطالب به منظمة الأوقاف المصرية على طريق الجزم واليقين.
الطلبات
لجميع ما توفر، ولما تبصره عدالة المحكمة الموقرة من عوامل أصوب وأرشد، تلتمس منظمة الأوقاف المصرية الحكم لها: “برفض الدعوى الماثلة – بشقيها المستعجل والموضوعي – مع فريضة المدعي بالمصروفات ومقابل أعباء المحاماة”.
مع إستظهار سائر حقوق الأوقاف الخيرية أياً ما كانت،،،
عن منظمة الأوقاف المصرية
….
المحامي
…………
وبجلسة 22/11/2011 صدر الحكم اللاحق في الدعوى المتطور ذكرها:
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الشعب
مجلس الجمهورية
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – منازعات شخصيات
بالجلسة المنعقدة علناً في الثلاثاء المتزامن مع 22/11/2011م
بقيادة السيد الأستاذ المستشار/ **** مندوب رئيس مجلس الجمهورية
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ***** ممثل رئيس مجلس الجمهورية
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ***** مساعد رئيس مجلس الجمهورية
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ ****** مفوض البلد
وسكرتارية السيد/ ***** أمين السر
نشرت الحكم القادم
في الدعوى رقم 43218 لعام 64 قضائية
ضـــــد
1- السيد/ رئيس مجلس منفعة منظمة الأوقاف المصرية بوصفه.
2- السيد/ محافظ القاهرة عاصمة مصر بكونه.
3- السيد/ عارم محضري الشرابية بكونه.
4- السيد/ مأمور قسم الشرابية بكونه.
5- السيد/ مدير مساحة الإسكان من داخل محافظة القاهرة عاصمة مصر – حي الشرابية بوصفه.
الأحداث
تخلص وقائع الدعوى في أن المدعي سكن دعواه الماثلة بصحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/8/2010 طالباً في ختامها الحكم: “بإنهاء تطبيق، ثم إزالة الأمر التنظيمي المطعون فيه رقم 253 لعام 2010 مع ما يترتب على ذاك من آثار، وتطبيق الحكم بمسودته وبدون إشعار علني”.
وبيَّن المدعي شرحاً لدعواه إنه لديه قطعة أرض وتشييد المبنى رقم 36 بشارع عبد الرحمن عبد الغني بالشرابية بمساحة 124م2 (100 وأربعة وعشرون متراً مربعاً) بمقتضى تم عقده الشراء من/ هدية محي الدين بسيوني، وحيث فوجئ بصدور المرسوم رقم 253 لعام 2010 متضمناً إلغاء التعدي الواقع منه على المبنى، ولذا بالمخالفة للقانون لأن هذه الأرض امتلكها من خلال الشراء بمقتضى الاتفاق المكتوب المؤرخ 18/3/1979 من/ تبرع محي الدين بسيوني وقد نهض بالبناء على نفقته المختصة وحيازته لها مستقرة، وقد كان يتعين أن يكون ذلك المرسوم مستنداً لسبب من الواقع، وحيث هو خالف هذا، وبالتالي يكون باطلاً، الأمر الذي يتعين إنهاء تطبيقه ثم إلغائه. وفي إنقضاء عريضة دعواه مناشدة المدعي الحكم بطلباته سالفة الخطبة.
وتداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، إذ رِجل الحالي عن المدعي 3 حوافظ ملفات ومذكرة، ورِجل القائم عن المصلحة المشتبه بها حافظة ملفات ومذكرة دفاع، وبجلسة 18/عشرة/2011 قد عزمت المحكمة إنتاج الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على مبرراته لدى النطق به.
المحكمة
حتى الآن الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن إذ أن المدعي يطلب الحكم بطلباته سالفة الخطاب.
ومن إذ أن الدعوى قد استوفت عموم أوضاعها الرمزية المقررة قانوناً، وهكذا يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
ومن إذ أن الشق الفوري من الدعوى بطلب تعطيل تطبيق المرسوم المطعون فيه، فإنه يتعين لقبول ذلك المطلب ركنان: أولهما- ركن “الجدية”، بقيام دلائل الطالب، على حسب الواضح، على عوامل يرجح برفقتها إزالة المرسوم المطعون فيه؛ وثانيهما- ركن “الاستعجال”، بأن يترتب على المرسوم المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها في حين لو قضي بإلغائه.
ومن إذ أنه عن ركن “الجدية”، فإن المادة 87 من التشريع المواطن الصادر بالقانون رقم 131 لعام 1948 المعدلة بالقانون رقم 331 لعام 1954 منصوص بها على أنه: ”
1- تمثل أموالاً عامة المنشآت والشحنة التي للجمهورية أو للأفراد الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بشكل فعلي أو بموجب تشريع أو أمر تنظيمي أو مرسوم من الوزير الخاص.
2- وتلك الثروات لا يمكن الإجراء فيها أو الحجز أعلاها أو تملكها بالتقادم”.
ومن إذ أن المادة 970 من ذات الدستور، والمعدلة بالقرارين الجمهوريين رقمي 147 لعام 1957 و 309 لعام 1959، والقانون رقم 55 لعام 1970، منصوص بها على أنه: ”
1- …
2- ولا يمكن عندها الثروات المختصة المملوكة للجمهورية أو للشخصيات الاعتبارية العامة وايضاً مبلغ مالي الوحدات الاستثمارية الموالية للشركات العامة أو للهيئات العامة وشركات المؤسسات الحكومية غير الموالية لأيهما والأوقاف الخيرية أو ربح أي حق عيني على تلك الممتلكات بالتقادم.
3- ولا يمكن التعدي على الثروات المذكورة بالفقرة الماضية، وفى ظرف حصول التعدي يكون للوزير الخاص حق محوه إدارياً”.
ومن إذ أن مؤدى ما في وقت سابق: “أن المشرع أضفى تأمين خاصة على الثروات المملوكة للجمهورية مال عامة أو خاصة، و هذا في مؤتمر جميع من التقادم الانتصار وفي محفل التعدي، حتى ينأى بتلك الممتلكات عن ميدان تملكها أو ربح أي حق عيني أعلاها بالتقادم أو وحط اليد، وتأميناً لها من مخاطرة التعدي والغصب، فإذا حدث شيء من ذاك، فللإدارة – بقرار منها – إزاحته إدارياً دون اللجوء للقضاء، سوى أنه يتعين أعلاها لدى استخدامها لذا الحق أن تثبت أولاً ملكيتها للمال متجر الإزاحة، وأن يكون سند ادعائها له منشأ متين بالأوراق، والقضاء الإداري يبسط رقابته على ذاك جميعه دون أن يضطلع بـ البحث في الثروة التي يخص بنظرها القضاء المواطن، فإذا ما استند واضع اليد على ثروة مملوك للجمهورية إلى ادعاء بحق له ما يبرره من وثائق تؤيده في هيئتها ادعائه، أو كانت الوضعية الظاهرة تثبت أن جادة ما ينسبه لنفسه، فلا يسوغ للإدارة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وحط اليد، على اعتبار أنها في ذاك الصدد لا تكون في موقف صرف اعتداء أو محو غصب، وإنما تكون في معرض احتلال ما تدعيه بالفعلً لها، وهو قضى غير محتمل بحسبان أن المنبع إسناد ذاك الكفاح للسلطة القضائية للفصل فيه بحكم ولايتها الدستورية أو الشرعية”.
(يراجع في ذلك المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3747 لعام 31 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 27/5/1989؛ مشار إليه في: “الموسوعة الإدارية العصرية”، الجزء رقم 27 ، صـ 380. وفي ذات المعنى: حكمها في الطعن رقم 2519 لعام 43 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 16/7/ألفين).
ومن إذ أن المقصود بالتعدي – التي أجازت المادة 970 مدني إزاحته بالطريق الإداري – هو: أن يحدث إعتداء جوهري على ملكية من الممتلكات المملوكة ثروة خاصة للجمهورية أو للشخصيات المنوه عنها في هذه المادة، وأن يتجرد ذاك العدوان من أي أساس شرعي يستند إليه.
(يراجع في ذاك المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2156 لعام 34 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 7/12/1997؛ مشار إليه في: “الموسوعة الإدارية الجديدة”، الجزء رقم 41 ، صـ 1366).
ومن إذ أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد أستقر إلى أن: “سلطة الجانب الإدارية في محو التعدي على أملاكها المختصة بالطريق الإداري المخولة لها بموجب المواضيع الماضية – منوطه بتوافر أسبابها: من اعتداء واضح على هذه الأملاك أو تجربة غصبها؛ أما لو أنه واضع اليد يستند بوضع يده إلى ادعاء بحق على ذلك الملك له ما يبرره من وثائق تؤيد ما يدعيه من حق أو كانت الوضعية الظاهرة تثبت أن جادة ما ينسبه إلى ذاته من مقر تشريعي فيما يتعلق للعقار، فلا يكون هنالك غصب أو اعتداء حدث على ملك البلد، وهكذا لا يسوغ في تلك الظرف أن تتدخل المنحى الإدارية بسلطتها العامة لإزالة وحط اليد لأنها لا تكون عندئذ في حادثة إزاحة اعتداء على ملكيتها، وإنما تكون في معرض احتلال ما تدعيه من حق وهو قضى غير ممكن قانوناً على حسب المنابع العامة التي تجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم الكفاح فيها لسلطة القضاء المخصصة بحكم ولايتها الدستورية والشرعية”.
(يراجع في ذلك المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1389 لعام 44 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 5/5/2004. وفي ذات المعنى: حكمها في الطعن رقم 1326 لعام 46 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 25/1/2006).
ومن إذ أنه متى كان ما تمنح، وقد كان البادي من بديهي الأوراق بالقدر الضروري للفصل في الشق الفوري من الدعوى أن: المصلحة المتهمة لها إنهاء خيري على قطعة أرض زراعية مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان شخص وقيراطان وسبعة أسهم) تعادل 4005م2 (أربعة آلاف وخمسة أمتار مربعة)، كائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – بالعاصمة المصرية القاهرة، وقد نهضت باستبدالها بأكملها للمدعو/ تبرع محي الدين بسيوني سوى أنه لم يقم بسداد بقية مستحقات المنفعة ولم يتعهد بشروط الصرف وصدر إزاءه حكم محكمة في شمال العاصمة المصرية القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 15669 لعام 1996 بفسخ لائحة محددات وقواعد الصرف لهذه الأرض. بل المدعي وغيرهم وقد في وقت سابق لهم شراء قطع أراضي مقسمة من هذه المنطقة، منها الأرض متجر المرسوم المطعون فيه، وسكن فوق منها المباني من نفقته المختصة. بما أن هذا، وقد كانت رابطة صاحب المتجر بالهيئة المتهمة قد انفصمت بموجب الحكم الصادر من محكمة في شمال القاهرة عاصمة مصر بفسخ لائحة محددات وقواعد الصرف وبالتالي لا تربطه أية أواصر مع هذه المصلحة، الأمر الذي ينعكس على رابطة المدعي بالهيئة نفسها، وحيث رفض المدعي وآخرون تأدية تكلفة إيجارية أو بنظير انتفاع لهذه الأراضي، وبذلك يكون وحط يد المدعي على هذه الأرض يد غاصب دون سند من الدستور، ويكون لقرار المنفعة المشتبه بها علة واضح من الأوراق، قد صدر قائماً على تبرير صحيح ومتفقاً وأحكام التشريع وغير مرجح الإلغاء، فينتفي بهذا ركن “الجدية” في دعوة إنهاء الإتخاذ، الأمر الذي يتعين برفقته القضاء برفضه، دون عوز لمناقشة ركن “الاستعجال” لعدم جدواه.
ومن إذ أن من ينهزم الدعوى ينبغي بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه العوامل
قضت المحكمة: “بقبول الدعوى شكلاً؛ وبرفض مناشدة إيقاف تطبيق الأمر التنظيمي المطعون فيه، وألزمت المدعي مصاريف ذاك المطلب؛ ووجهت بإحالة الدعوى إلى جمعية مفوضي الجمهورية لتهيئة توثيق بالرأي الشرعي في إلتماس الإلغاء”.
أمين السر رئيس المحكمة
Originally posted 2021-12-18 02:05:22.