قرأت تغريدات للدكتورة نوال العيد بخصوص اقتطاع القرين من أجر شهري قرينته في بدل تنازله عن احتباسها التام له مثلما عبرت، و بالنظر لاستغرابي لذا الإفتراض وددت مناقشته، وسيكون تركيزي على الإفتراض ذاته باختصار، فهو ليس مقتصرا على السيدة الكريمة، إذ هنالك شريحة تؤمن بذاك الإقتراح مع كامل التبجيل للجميع.
الحقيقة وأنا أقرأ التغريدات حمدت الله أن هنالك عازلا حضاريا بيننا والآخرين بعامل اللغة، وحينها كنت أفكر لو أن امرأة تفكر في دخول الإسلام، وعلمت بأنه يجوز لزوجها اقتطاع راتبها في بنظير أنه لاغير يصدق على ممارستها لحق بشري ظاهر في أكثرية دول العالم وهو المجهود! لا أدري كيف سوف يكون تجاوبها إزاء ذلك الإقتراح!
والسؤال هنا؛ من أين أوجب هؤلاء احتباس المرأة التام للزوج أصلا؟ ما المقال الذي استندوا إليه؟
قسيمة الزواج حاضر على استحلال المرأة لمتعة النكاح ليس إلا، وليس على احتباسها التام بما يتضمن أنها حتى لا تمارس عمرها الطبيعية، حتى إنهم اختلفوا في خدمتها له، وأرجعها بعضهم للعرف، والصحابيات كن يعملن ولم يأتِ أثر فرد يمنعهن أو يشترط عليهن رضى الأزواج. فالمرأة حينما تدرس أو تعمل فهي تمارس فعلا إنسانيا تملكه، مثلما أن لها حق التملك الوحيد عن القرين من دون أي تدخل منه. والكارثة أن أصحاب ذاك الإفتراض يجمعون البغي كله في تبعات ذاك الإقتراح؛ فلو تجريم القرين قرينته من التعليم أو المجهود ثم في أعقاب أعوام طويلة طلقها، أدرك لا يقولون إن الغرم بالغنم، فهو لا تجب فوق منه النفقة أعلاها فور إنفصالها بالطلاق وانتهاء عدتها وقد حرمها من التعليم والعمل! وذلك من دون شك غرض البغي في تلقائي أن تمنح القرين حق حظر المرأة من الشغل، ولا توجب فوق منه النفقة عقب فسخ العلاقة الزوجية ايضاًً! أما في حال أصر الرجل على عدم عملها خسر أعطاه الشرع حق فسخ العلاقة الزوجية، ومن حق المرأة أن تم اتخاذ قرار مصيرها في هذا.
سوف يكون خطاب هؤلاء وجيها لو تحدثوا إن المرأة العاملة لا تجب على القرين النفقة فوقها، شأنها شأن الابن والفتاة حالَما يكون لديهما القدرة النقدية، فالأب وقتها لا تجب أعلاه النفقة، أما أن تمنح القرين حق اقتطاع مرتب قرينته فقط لأجل قبوله على عملها، فإن ذلك الشأن صنف من الاستعباد الذي لا ترضاه الشريعة في مقاصدها.
لا أرغب تفصيل المحادثة في تلك الموضوع على نحو فقهي مفصل لضيق المكان وتكفي المغزى، وتلك الموقف ليست سوى صورة من صور الجمود الفقهي الذي هو واحد من أبرز عوامل إتلاف تزايد المجتمعات، ومن الفرضي أن الأبحاث الأكاديمية تؤسس للفقه الحر وليس الاستنساخ والتقليد.
Originally posted 2021-11-25 21:46:21.