التشريع يعد منبع أساسي من مناشئ الدستور السوري.
يحتل الدستور المقر الأضخم بين مناشئ القانون الرسمية , إذ يعد المصدر الأصلي للقاعدة الشرعية .
ويراد من ذلك أنه يتعين على القاضي أن يلجأ إلى الدستور أولاً لإتيان القاعدة الشرعية التي تطبق على النزاع المعروض أمامه , ولا يستطيع أن يعدل عنه إلى منبع أحدث إلا إذا لم يجد نصاً في التشريع يحكم الصراع , أو إذا أحال الدستور ذاته على منبع آخر .
مثال الموقف الأخيرة : ما نصت أعلاه الفقرة الأولى من المادة 426 ق.م.س حيث أفادت :
[ لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري , أو إذا سلم الشيء المبيع وكان هذا الشيء قابلاً أني ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى , هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره ] .
فالتشريع بالمعنى المقصود هنا , هو مجموعة القواعد الشرعية الصادرة في وثيقة رسمية مكتوبة , عن سلطة عامة مختصة , وفقاً لتدابير معينة .
إمتيازات التشريع وعيوبه
يظهر لنا الموضوع الذي تعطي أن التشريع يحتل ترتيب الافتتاح بين منابع القاعدة الشرعية في أكثرية الأنظمة القانونية الحديثة , والواقع أن هذه المكانة التي يحتلها الدستور إنما ترجع إلى مجموعة من العوامل لعل أبرزها ما يلي :
1- وجود سلطة مركزية ذات بأس لديها سلطة القانون في مختلَف أنحاء الدولة : إذ مع اتساع رقعة الدولة وصعود عدد سكانها توضح الحاجة إلى وجود سلطة واحدة تتولى عملية سن القوانين . ولذا ما ثبت جلياً منذ عهد حمورابي عندما لجأ إلى تدوين التشريع وإصدار مدونته الشهيرة بهدف توحيد القانون الضروري التطبيق بعد أن وحد دويلات بدون ما بين النهرين في دولة واحدة هي البلد البابلية .
2- اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات في الأنظمة القانونية الجديدة : وما يسفر عن إشادة ورعاية ذلك المبدأ من ضرورة وجود سلطة أخصائية تتولى مهمة الدستور في الدولة .
3- انتشار النزعة التدخلية : التي تفترض ضرورة تدخل الجمهورية في شؤون الشخصيات ونشاطاتهم المختلفة حماية للمصلحة العامة . ولا يبقى شك أن وسيلة البلد في التدخل تكون بطريق الدستور , وهذا الموضوع الذي يعين بطبيعة الأمر على زيادة النصوص الشرعية وانتشارها .
بالفضلا على ذلك هذا هذه العوامل التي أدت إلى تدعيم مقر التشريع بين أصول الدستور المتنوعة , فإن وجوب التشريع تستند إلى ما يتلذذ به من منافع تميزه عن بقية مناشئ القاعدة القانونية يمكن تحديدها فيما يلي :
أ)- التشريع يضع قاعدة شرعية : يحتوي التشريع مجموعة من القواعد القانونية التي تتصف بصفة العموم والتجريد تستهدف إعداد الفعل الإنساني وفقاً لغايات وأهداف الإطار التشريعي المنتج بوفرة في المجتمع .
ومن هنا جرى الفقهاء على التمييز بين الدستور بالمعنى الشكلي والتشريع بالمعنى الموضوعي :
فكل حكم أو أمر تنظيمي ينشأ في صيغة مكتوبة عن السلطة القانونية يعتبر تشريعاً من الناحية الشكلية ولو لم تتوافر فيه طابَع العموم والتجريد .
إلا أنه لا يعد تشريعاً من الناحية الموضوعية كل حكم أو قرار تخلفت فيه صفة العموم والتجريد حتى ولو أنه هذا الحكم أو الشأن المنهجي صادراً عن السلطة القانونية .
ويعني هذا أن التشريع لا يعد مصدراً على نحو رسميً للقاعدة القانونية إلا إذا توافرت فيه الصفة الشكلية والصفة الموضوعية للتشريع .
فمثلاً لو صدر مرسوم عن مجلس النواب يقضي بالموافقة على قرض تعقده منفعة البلد , أو يقضي بالموافقة على الحساب الختامي لميزانية الجمهورية أو ينتج ذلك تشريع عن مجلس الشعب بإعطاء وسام ثناء لشخص معين بالذات , أو عرَض ونشر وتعميم الحداد الوطني لوفاة شخص أدى خدمات هائلة للوطن , أو منح امتياز التنجيم عن المحروقات لمنشأة تجارية من الشركات الأجنبية وما شابه ذلك , فإن هذه القرارات بالرغم من صدورها عن السلطة التشريعية وبالرغم من تدشين لفظ القانون عليها لصدورها من السلطة التشريعية فإنها لا تعتبر تشريعاً من الناحية الموضوعية , وبالتالي لا تحتوي قواعد شرعية عامة ومجردة , ولا تعتبر كمصدر رسمي من مصادر القاعدة القانونية .
ب)- إصدار القواعد التشريعية الشرعية في مقالات مكتوبة : لذلك تأتي القاعدة التشريعية واضحة يتوفر لها من التحديد والضبط ما يكفل تحري الاستقرار والطمأنينة بين المجتمع , حيث يراعى أن كل فرد من شخصيات المجتمع يستطيع إدراك ما له حقوق وما أعلاه من واجبات .
كما تؤدي عملية الضبط والتحديد في النصوص التشريعية إلى التزام القضاة بأحكامها , لهذا تبقى حقوق الشخصيات بمنأى عن التأثر بأهواء القضاة ومصالحهم الخاصة .
ويعد صدور القانون في وثيقة مكتوبة الملمح الأهم التي إجادة وأصالة القانون عن غيره من الأصول الأخرى , إذ تجيز هذه الصفة بإعطاء الدستور اسماً خاصاً هو النص أو النصوص .
ولا يوجد مصدر من مصادر الدستور يمكن التعبير عنه باصطلاح المقالات غير التشريع , حتى أن عدد محصور من الفقهاء أمثال الفقيه ” كاربونييه ” يقترح استخدام اصطلاح المواضيع بديلاً عن اصطلاح الدستور .
ج)- سهولة سن الدستور وسهولة تعديله أو إلغاؤه : وهذه الميزة إستطاع المشرع من تعديله أو إلغائه متى ما دعت الضرورة أو الأوضاع الجديدة إلى ذاك بإصدار قواعد مشروعية عصرية أو معدلة بما ينسجم مع الواقع الجديد .
وهذه الميزة هي التي تميز التشريع عن العرف الذي يعتبر مصدراً بطيئاً , يدخل الدهر كعنصر أساسي ما لو أنه في تكوينه أو تعديله أو إلغاؤه .
د)- سهولة إثبات وبيان تاريخ إلغائه : يرد التشريع في وثيقة رسمية مكتوبة , لذا يسهل التحقق من وجوده أو تحديد تاريخ طليعة نفاذه أو تاريخ إلغائه , فتسود الطمأنينة والأمن في المجتمع وتستقر المعاملات بين الأفراد .
ولذا على ضد العرف الذي يعتبر عادة درج الناس على التبادل بها أو فكرة تستقر في العقول دون أن تأتي في صيغة مكتوبة , ويترتب على ذلك صعوبة في إثبات وجوده , كما قد يثور الصراع فيما يتعلق تاريخ تكوينه أو انتهائه , المسألة الذي يسفر عن الدخول في الحالة الحرجة وعدم الاستقرار في المعاملات .
هـ)- القانون وسيلة لتحقيق وحدة القانون في الدولة : يعتبر القانون الكيفية النافذة , وأيسر السبل لضمان وحدة القانون في الجمهورية الذي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز وحدة البلد , ذلك لأنه يضع قواعد تطيق على شخصيات المجتمع كافة في شتى أنحاء البلد .
وهذا بعكس القواعد القانونية العرفية التي لا تتشبه من موضع إلى أخرى في ظل الدولة الواحدة .
وبالرغم من هذه الفوائد التي تختلق عوامل تبوأ الدستور مركز الميزة بين مصادر القانون المتنوعة , إلا أنه غير جائز تجاهل عيوبه التالية :
1- يعاب على التشريع أنه إذا كانت صياغته في مواضيع مكتوبة تكون سببا في وضوحه واستقراره إلا أنها تؤدي من جهة أخرى إلى جموده , فيصبح غير بمقدوره أن مناسِبة القيادة طالما أنه يضع القواعد القانونية في مقالات مكتوبة ثابتة ومستقرة , على عكس العرف الذي يتصف بالمرونة ومسايرة حاجات الأفراد .
2- ويعاب على التشريع ايضاً أنه قد يأتي قاصراً على تلبية حاجات الأفراد بالمجتمع طالما أنه يوضع من قبل سلطة مختصة قد لا توفق في تحديد أوضاع المجتمع وتقدير حاجاته , على عكس العرف الذي ينتج ذلك في ضمير الجماعة من تبادل الشخصيات ووفقا لما تقتضيه حاجاتهم وظروفهم .
و يلاحظ أن هذه العيوب بالرغم من صحتها إلا أنها لا تنال من مقر الميزة التي يحتلها التشريع استناداً لمزاياه السابقة .
سـن الدستور
إن الدولة هي المخصصة في سن التشريعات وإلغائها , إلا أن الهيئات التي عندها هذه الصلاحية تتباين باختلاف شكل الحكم في الدولة وباختلاف النظام اللازم للسلطات العامة فيها .
وتتباين طريقة سن القانون باختلاف نوعه , إذ تتعدد أنواع التشريعات ولا تتشابه أهميتها تبعاً لأهمية الموضوعات التي تتناولها.
وهكذا يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع هي :
1- القانون الضروري ” الدستور ” .
2- التشريع المتواضع .
3- التشريع الفرعي .
أولاً : التشريع الضروري ” التشريع ” :
يعتبر الدستور التشريع الأمثل , لأن النسق الشرعي في الدولة إنما يقوم بكامله بالأعلى , فهو المنشأ الشرعي لجميع السلطات والاختصاصات .
كما أنه يعد أساساً لأي نشاط تقوم به الدولة .
وما دام التشريع هو المنبع القانوني لجميع السلطات والاختصاصات , أضحى من الطبيعي أن يكون أعلى منزلة من سائر الهيئات المكلفة بممارسة هذه السلطات والاختصاصات , ومن ثم فهي لا تملك أن تخالف أحكام الدستور من دون أن تهدم الأساس التشريعي لاختصاصها وسلطاتها .
أ- السلطة الخاصة بسن الدستور :
إن وضع التشريع يفترض وجود ممنهجة أو سلطة تأسيسية أصلية مستقلة عن السلطات العامة في البلد , تتولى هذه السلطة وظيفة سن القانون , وتوضح هذه السلطة كلما لا يوجد تشريع أصلاً ( قيام دولة حديثة ) , أو لم يعد من وجود للقانون الضروري ( نتيجة ثورة أو انقلاب ) .
وأياً كان الأسلوب المتبع في سن القانون فهو مما لا شك فيه عمل إرادي يفترض وجود سلطة تأسيسية أصلية متمثلة في الحاكم المطلق , أو في الحاكم والشعب , أو في الشعب وحده , تملك مطلق الحرية في مهمتها في سن الدستور ووضع أحكامه , دون الالتزام بأية مواضيع أو قواعد مسبقة .
ب- أساليب سن الدستور :
لا تتشبه الأساليب المتبعة في سن التشريع باختلاف أنظمة الحكم والأحوال والأوضاع السياسية التي يسن فيها . ومن ثم يمكن التمييز بين نوعين من الأساليب المتبعة في سن الدستور:
1- الأسلوب غير الديمقراطي : ويتم في صورتين :
إحداهما تتمثل في أن يسن القانون بطريق المنحة من الحاكم إلى شعبه .
والثانية أن يأتي الدستور في صورة عقد أو اتفاق بين الحاكم وشعبه .
2- الأسلوب الديمقراطي : وتيم في صورتين ايضاً :
إحداهما بواسطة هيئة منتخبة من قبل الشعب تقتصر مهمتها على سن الدستور وتسمى الجمعية التأسيسية , أو المجلس التأسيسي .
والثانية تتم بطريق التصويت الشعبي المباشر على مشروع موضوع من قبل ممنهجة أو لجنة خاصة , ومثالها التشريع السوري الدائم لعام 1973 .
ثانياً : التشريع العادي :
و يقصد به ما تسنه السلطة الشرعية في الدولة من قواعد في حدود اختصاصها المبين في التشريع .وهذا التشريع يلي التشريع الدستوري في المكانة .
ــ السلطة المختصة بسن التشريع المتواضع :
إن سن التشريع العادي هو من اختصاص السلطة التشريعية التي يمثلها غالباً مجلس منتخب , وهو ما يطلق عليه في سورية اسم البرلمان .
على مرجعية أنه لو أنه الأصل هو أن تقوم السلطة التشريعية بسن التشريع العادي إلا أن الدساتير تنص عادة على اشتراك رئيس الدولة مع السلطة الشرعية في هذه الحرفة بما تعطيه من حق اقتراح القوانين أو الاعتراض أعلاها أو إصدارها .
ففي جمهورية البلد الفرنسية يتمتع رئيس الجمهورية باختصاصات ذات طبيعة شرعية في ظل دستور الجمهورية الخامسة لعام 1958 , فهو يتلذذ بهذه السلطة بشأن للمستعمرات الفرنسية , كما أنه يمارسها استثناءً من خلال استكشاف الإقتراح الشعبي , وبحافز معالجة الأحوال الطارئة التي تهدد المؤسسات الدولة أو استقلال الأمة أو سلامة أراضي البلد أو تنفيذ التعهدات الدولية .
أما في دولة جمهورية مصر العربية العربية فيستطيع رئيس البلد أن يشرع في سلطة التشريع وفقاً لأحكام المادة 147 من القانون المصري لعام 1971 , إذ نصت في ما يتعلق بـ أنه : إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ أعمال لا تحتمل الإرجاء جاز لرئيس الدولة أن ينشأ في حالها قرارات تكون لها قوة التشريع .
أما في دولة الشام الالجمهورية السوريا فقد أعطى القانون السوري الخصب لعام 1973 لرئيس البلد صلاحية المشاركة في الشغل التشريعي في متنوعة حالات هي :
الوضعية الأولى :
يتولى رئيس الجمهورية سلطة الدستور خارج انعقاد دورات البرلمان حتّى تعرض جميع التشريعات التي يصدرها على المجلس في أول دورة انعقاد له .
الموقف الثانية :
يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع أثناء انعقاد دورات المجلس إذا استدعت هذا الضرورة القصوى المتعلقة بمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي على أن تعرض هذه التشريعات على المجلس في أول جلسة له .
ولمجلس الشعب في الحالتين السابقتين حق محو أو تحديث هذه التشريعات ولذا بأكثرية ثلثي أعضائه اللذين تم تسجيلهم بهدف قدوم الجلسة على ألا يقل عن أغلب أعضائه المطلقة , دون أن يكون لهذا التعديل أو الإلغاء أثر رجعي , وإذا لم يلغها المجلس , أو يعدلها اعتبرت مقرةً حكماً ولا حاجة لتصرُّف التصويتم أعلاها .
الحالة الثالثة :
يتولى رئيس الجمهورية سلطة القانون خلال الفترة الفاصلة بين ولايتي مجلسين ولا تعرض هذه التشريعات على مجلس الشعب ويكون حكمها في التجديد أو الإلغاء حكم التشريعات العادية النافذة.
الحالة الرابعة :
لرئيس البلد إصدار التشريع بالعفو المختص وإعادة الاعتبار .
الوضعية الخامسة :
لرئيس البلد استكشاف وجهة نظر الشعب في القضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد , ومما لا شك فيه يمكنه استكشاف منظور الشعب على نصوص شرعية , كما أنه يمكنه في حال تعطيل على رجليه عدم طمأنينة عارم يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة البلاد أو استقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات البلد عن لحظيا مهامها الدستورية أن يتخذ كل الممارسات المتعجلة التي تقتضيها هذه الأحوال لمواجهة الخطر .
وهذه الاختصاصات كلها يمارسها رئيس الجمهورية بواسطة إصدار مراسيم مشروعية .
– الخطوات التي ينبغي أن تتخذ حتى يصبح التشريع المتواضع نافذاً وملزماً :
1- الاقتراح :
يعد اقتراح التشريع الجولة الاولى من مراحل سنه , وقال هذه الفترة بوضع مشروع لقواعد مشروعية يعرض على مجلس الشعب للنظر في إقراره .
ويلاحظ أن حق فكرة مطروحة القانون العادي إنما يثبت بموجب أحكام المادة 110 من الدستور لرئيس الجمهورية .
و يطلق فوق منه الاقتراح الذي يتقدم به رئيس الدولة ” مشروع قانون ” .
كما يثبت ذاك الحق لأعضاء مجلس الشعب بمقتضى أحكام المادة 70 من الدستور السوري المُجدي .
واشترطت المادة 97 من الإطار الداخلي للبرلمان أن يقدم الاقتراح من قبل 10 أعضاء كحد أسفل , ويعني هذا ضرورة أن يجيز الاقتراح بقانون من 10 أعضاء على الأقل أو يجيز من فرد من الأعضاء ويؤيد الاقتراح من 10 أعضاء على الأقل , ويجب أن يبقى هذا النصاب متوفراً حتى اختتام الأعمال التشريعية بحيث إذا جلب مقدموا الاقتراح بقانون – كلهم أو بعضهم – اقتراحهم ينهزم برفقته النصاب الخاص بتقديمه ويطوى الاقتراح إلا أذا تبناه العدد الكافي من الأعضاء.
2- الرضى ” الجدال والتصويت ” :
يحال مشروع التشريع أو الاقتراح بقانون إلى اللجان الخاصة في المجلس المنتخب لفحصه ووضع تقرير عنه , ثم يتم طرح مشروع القانون أو الاقتراح بقانون مع تقرير اللجان الخاصة على المجلس للمناقشة أولاً , ثم التصويتم فوقه .
ويتخذ المجلس قراراته بالأغلبية المطلقة للحاضرين , وذلك في غير الحالات التي تشترط فيها أغلبية خاصة كتلك المتعلقة بإرجاع التصويتم على التشريع حتى حاليا اعتراض رئيس البلد بالأعلى , إذ يتطلب في هذه الموقف لإقراره إلى أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشعب .
3- الإصدار :
إذا كان تصديق التشريع يؤدي إلى وجوده بشكل فعليً , فإن إصدار التشريع يكون السبب في وجوده وجوداً على نحو رسميً .
وعليه يقصد بإصدار القانون إثبات وجوده بكيفية رسمي ووضعه موضع التنفيذ من قبل السلطة التي تملك ذلك الحق وهي السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية , حيث يتولى رئيس الجمهورية إصدار التشريع بمثابته رئيساً للسلطة التنفيذية ويحق له الاعتراض على هذه التشريعات بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها إلى رئاسة البلد , فإذا أقرها المجلس المنتخب مرة ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه فإن الإصدار يصبح واجباً على رئيس الدولة , أي أنه غير ممكن الامتناع عنه أو تأخيره , لذلك نقول إن إصدار القانون هو حق لرئيس الجمهورية , وواجب بالأعلى.
وطالما أن الإصدار عمل تنفيذي لا عمل شرعي فإنه يحقق الإمتيازات التالية :
أ- يمكن رئيس الجمهورية من مراقبة التشريعات الصادرة عن المجلس المنتخب , ويمنح له الاعتراض عليها إذا ارتأى ضرورة لذلك .
ب- إن عملية الإصدار تكفل إلى حد هائل عرفان ورعاية مبدأ الفصل في السلطات , فإن كان مضمون الإصدار عبارة عن وضع الدستور مركز الإنتهاج بتكليف رجال السلطة التنفيذية بتنفيذه , فإن ذاك الفرض يتم بأمر من رئيس البلد الذي هو في الزمان ذاته رئيس للسلطة التنفيذية وليس بتوجيه من السلطة التشريعية .
ومرحلة الإصدار لا تطرح بما يختص الدستور أو ما يدري بالتشريع اللازم متى ما يتم وضعه بطريقة ديمقراطية , سواء من خلال ممنهجة تأسيسية منتخبة أو عن طريق استكشاف رأي المجتمع , لأن السلطة الشعبية التي تضع التشريع هي التي تنشئ السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية , وبالتالي لا تكون بحاجة إلى الاستعانة برئيس السلطة التنفيذية لجعل الدستور قابلاً للتنفيذ .
كما أن التشريع الفرعي ” الأنظمة والقرارات ” توضع أصلاً من خلال السلطة التنفيذية , وهكذا لا تحتاج إلى إصدار , لأن السلطة التي وضعته هي التي تقوم بتنفيذه , فلا يكون هنالك معنى لأن تصدر هذه السلطة إلى نفسها أمراً بتنفيذ الدستور الذي وضعته .
4- النشر :
أصدر التشريع عمل يقصد به إحاطة الأفراد علماً بوجود تشريع حديث , أو كحد أسفل إدخار وتوفير وإتاحة الفرصةلهم للعلم به .
والنشر يجعل التشريع نافذاً ملزماً , لأن العدالة تقتضي بألا يصير القانون أيضاً إلا إذا علم به الناس , أو كحد أسفل إذا اعتبر أنه جلي . فالغرض من عرَض القوانين هو إيصالها إلى وعي الناس حتى هذه اللحظة إصدارها .
أما الأسلوب والكيفية التي حددها التشريع للقيام بنشر القانون , فهي النشر في الجرنال الأصلية للدولة , ولا تغني عن ذاك النشر أية وسيلة أخرى لافتراض العلم بالتشريع , ولو كانت أجدى من المجلة الأصلية للعلم به , كالنشر في الصحف اليومية , أو في الإذاعة والتلفزيون , أو في أية وسيلة من الميديا الأخرى.
كما لا يغني عنها حتى العلم الشخصي , كما لو أن شخص من الأفراد كان موظفاً في رئاسة البلد ومختصاً بعرض التشريعات على رئيس الجمهورية لإصدارها , فإن علمه الشخصي لا يصلح أساساً لإلزامه بحكم ذاك التشريع ما دام لم ينشر .
إلى أن النشر في الجرنال الأصلية لا يعني أن القانون يصبح نافذاً وملزماً بمجرد عرَضه , إلا أن يبدأ نفاذه عقب مضي فترة زمنية محددة بنص الدستور من حصول النشر ليتسنى للناس العلم به.
وقد يكون أيضاًً وجوب الشغل بالتشريع بعد نشره معلقاً على قام بتكليف آخر , كإصدار الدفتر التنفيذية له من المنحى المختصة .
وفي الجمهورية السورية يبدأ نفاذ التشريع عقب مضي يومانٍ كاملين ابتداء من تاريخ استلام المجلة الأصلية التي أصدر فيها من قبل رئاسة مجلس الوزراء , من محافظة العاصمة السورية العاصمة السورية دمشق عاصمة سوريا السورية بسوريا عاصمة جمهورية سورية السورية بسوريا , ومن قبل رئيس ديوان المراسلات في المحافظات .
( إذاً يجوز النص في التشريع على ألا يعمل به إلا حتى الآن مضي مدة من الزمان ) .
فإذا تحقق النشر بهذه الصورة غير ممكن بعدها لأي شخص أن يحتج بجهله ليتخلص من تبعة مخالفته لأحكامه .
ونظراً لأن النشر هو الأسلوب والكيفية التي يتحقق بها العلم , أو كحد أدنى افتراض العلم به , فإنه إذا حالت قوة قاهرة دون وصول المجلة الأصلية بأسلوب قاطعً إلى مكان من مناطق البلد , كحالة الفيضانات العظيمة بشكل كبير أو الحرب فإن ذلك يكون السبب في استحالة العلم به ويحول دون افتراض العلم به , لذا لا يكون التشريع ملزماً للأشخاص المقيمين في هذه الموضع بالذات .
وإذا كان نشر التشريع العادي والتشريع الفرعي شرطاً أساسياً لنفاذه فهو ليس أيضا بما يختص للقانون الضروري , بل يكفي على سبيل المثال على ذاك تصريح علني نتيجة استكشاف الإفتراض بأية أسلوب وكيفية حتى يصبح نافذاً .
وحتى لا تتحكم السلطة التنفيذية في نفاذ القانون وتعطل نشره من الأفضل تضمين الدستور نصاً يحدد مهلة معينة ينبغي النشر أثناءها , كما هو الموضوع في التشريع المصري المؤثر , إذ نصت المادة 188 منه على أن :
[ تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حدد لذلك ميعاداً آخر ] .
ثالثاً : الدستور الفرعي:
و يشير إلى به ما يأتي ذلك عن السلطة التنفيذية من قرارات تحتوي قواعد عامة مجردة.
و هذه القرارات تصدرها السلطة التنفيذية بالاستناد إلى نص تشريعي أو بهدف تطبيق القوانين بكون ذلك يدخل في اختصاصها الأصلي الذي تستمده من الدستور لحظيا .
و هذه الأنظمة و القرارات لا تجتاز بالمراحل التي يتعدى بها التشريع العادي باستثناء مرحلة النشر . إذ لا تصبح ناجعة إلا من تاريخ عرَضها في الجرنال الأصلية .
أما ما تصدره السلطة التنفيذية من قرارات عادية أو فردية فإنها لا تشتمل قواعد مشروعية عامة إلا أن تختص أشخاص معينين بالذات و بالتالي تطلع عن دومين دراستنا للنظرية العامة للقانون و ربما أن نميز في هذا الصدد بين :
1- المراسيم التنظيمية :
و هي قرارات إدارية تتضمن وضع قواعد مشروعية عامة غير شخصية تصدر عن رئيس البلد , إما في نطاق حدود اختصاصاته , و إما لاستكمال الأحكام القانونية بأحكام أخرى تفصيلية بغرض تامين تطبيقها و تطبيقها .
و قد نصت المادة 99 من التشريع السوري النافذ إلى أن ( ينشأ رئيس البلد المراسيم و القرارات و النصائح وفقاً للتشريعات الفعالة , و مثالها صدور الدفتر التنفيذية لقانون المنفعة المحلية .بالمرسوم التنظيمي رقم 2297 تاريخ 28/9 /1971 .
أما المراسيم العادية أو الفردية التي تصدر عن رئيس الجمهورية فلا تتضمن قواعد مشروعية أي لا تتضمن قواعد عامة مجردة بل قواعد تخص شخصاً معيناً أو وضعية معينة , كمرسوم تكليف و تسريح عدد محصور من الموظفين المدنيين أو العسكريين و المراسيم المتعلقة بتحديد شواطئ البحر و الأنهر و عمق المياه الإقليمية , و المراسيم الخاصة بمنح الامتيازات المختلفة على أملاك الدولة المختصة أو تحويل أملاك الدولة العامة إلى أملاك دولة خاصة . أو مرسوم تسمية أعضاء مجلس الشعب بعد أن يكمل انتخابهم.
2- القرارات التنظيمية :
هي القرارات الإدارية الصادرة عن مجلس الوزراء و المحافظين و المدراء العامين و غيرهم ممن لديه حق إصدار قواعد عامة .و مثالها : القرار التنظيمي رقم 23 السنة 1981 الصادر عن وزير الشــــؤون الاجتماعية و الشغل بصدد تحديد الحد الأقصى لساعات الجهد في يسير من المهن .
Originally posted 2021-10-22 20:41:24.